مقالات واقوال مترجمة

عندما تصل إلى بلد و تجد كل شيء مختلفا / “رسالة إلى أديلينا ” كتاب السنغالي بشير سامب

“رسالة الى أديلينا ” كتاب الكاتب السنغالي بشير سامب

عندما تصل إلى بلد و تجد كل شيء مختلفا عما تعرفه
كتاب سيرة عن الذات ” رسالة الى اديلينا ” للكاتب بشير سامب، يسرد فيه تجاربه كطفل بعمر السنوات الثمانية يعيش في لاس بالماس، و يرسلوه للعيش مع جدته في السنغال.

أمه بالتبني أديلينا كانت تداوم على أن تكلمه عبر الهاتف ، و تسأله دائما اذا كان يأكل جيدا ، هو كان يتعجب من سؤالها ، لأن الطعام كان دائما متوفرا في منزله، كما كانت تسأله اذا كان هناك حرب ، هو ابن الثمانية ،يستغرب أسئلتها دائما، و لكن طبعا ، أديلينا كانت تعتقد أن أفريقيا هي بلد الأمراض و الصراعات و المجاعة، و تتألم من أجل هذا الطفل الذي قامت بتربيته. اثناء تلك اللحظات لم يكن سامب يعلم أن مصدر هذه الأسئلة هي نتاج المعلومات المغلوطة في إسبانيا حول هذه القارة ، و بالنسبة له كان مشغولا بأمور أخرى و منها كيف عليه أن يتأقلم في هذا الواقع الجديد الذي وجد نفسه فيه من دون تحضير مسبق .

عندما وصل بشير إلى مطار دكار و كانت جدته في انتظاره، و قد اقلهما التاكسي إلى حيث تقطن جدته مع العائلة، عندما فتح باب السيارة …لم ير غير الرمال، لا شيء في سياروييه غاريه و في ضواحي دكار، يشبه احياء كانتيراس في لاس بالماس…لبعض الوقت تسمر في مكانه في مقعد سيارة الأجرة، بينما كان الجميع يدعونه إلى النزول …و هو من مكانه يقول : لا…!!!و هو حتى لم يفهم اللغة التي كان الجميع يتحدث بها معه…كل شيء كان جديدا و مختلفا و كانت أياما صعبة جدا ، هو كان يريد أن بتكلم عن ذلك مع أديلينا و لكنه لم يتمكن…خذلته اللغة و فاتته الكلمات .
بشير ولد في لاس بالماس و بعد ولادته بقليل انفصل والداه، لذلك تعهدت أديلينا بتربيته ، حتى ذاك الوقت الذي طلبت فيه والدته المجيء إلى السنغال للعناية بجدته المريضة خلال ثلاثة اشهر و هو وافق على الفور ، و لكن الأشهر الثلاث تحولت إلى 14 عام , و لم يعد لديه من حل الا التكيف مع الوضع الجديد و البدء في الدراسة في بلد اجداده، لكن دائما كان في داخله ينمو الرفض للبقاء ، و الرغبة بالخروج حتى انه ذهب إلى السفارة الإسبانية لتجديد NIE التي انتهت صلاحيتها و لكنهم لم يعيروه أدنى الإهتمام. لكنه لم ييأس تابع دراسته و متابعة حلمه أن يصبح ممثلا، لذلك قدم طلبا لمتابعة دراسة المسرح في كيبيك لكنه لم يحصل على تأشيرة تخوله الذهاب ، خاض مواجهة قوية لإقناع والده، الذي رفض عودته إلى لاس بالماس، و كان يريده أن يظل في أرض الآباء ، و بمساعدة أحد المحامين عاد بشير إلى لاس بالماس، لكن عندما وصل عام 2019…كانت أديلينا قد توفيت من سنوات قبل مجيئه…

سامب كان لديه هدفا واضحا، لقد كان يرغب بدراسة فن الدراما، لكن ذلك يحتاج إلى المال . في أول صيف له في إسبانيا عمل في فندق في إيبيسا، بعد توفيره بعض المال انتقل إلى برشلونة و بدأ بالعمل على مشروعه بالتمثيل و حاز على بعض الأدوار الصغيرة ، و علم انه لن يحصل على الشهرة إلا إذا ذهب إلى مدريد، فعاد إلى إيبيسا ليعمل و يدخر المزيد من المال ثم عاد الى مدريد حيث بقي إلى اليوم . بينما كان يعمل سامب في أحد المطاعم للوجبات السريعة ، كان سامب تابع التدريب كممثل، و قد نال ادوارا في بعض المسرحيات ، كما شارك في بعض المسلسلات التلفزيونية الشهيرة .

كذلك تضمنت المسلسلات موسيقى ألفها سامب و بعد ذلك عمل على تسجيلها في فيديوهات خاصة به و نال شهرة كبيرة
سامب كتب كتابه الأول ” رسالة الى أديلينا ” ضمن فيه تجاربه و كلماته التي لم يقدر أن يقولها لأديلينا، امه بالتبني ، عندما كان صغيرا، ضائعا بين رمال السنغال،
هذا الكتاب يروي فيه الكاتب صدمته و ما رافقها من مشاعر واحاسيس ارهقته بشدة في بلد عرفه لأول مرة و عادات اجبر على تأديتها دون أن يفهم كنهها أو يتعود عليها ، لا يعرف احدا، لا أحد يفهمه، كل ما يحيط به مجهول من قبله …من الطعام إلى السلوك …مثلا انه أمام الأشخاص الأكبر سنا منه ليس من التهذيب أن تتكلم أو أن تنظر إليهم مباشره في أعينهم. و الصعوبة التي واجهها بالتعود على ديانة جديدة …

.كذلك يقارب الكتاب تجربة الشعور انك الغريب حتى بين أفراد عائلتك الذين يعتبرون أنك الأوروبي ،بينما في إسبانيا كانوا يقولون له انه ليس اسبانيا بل افريقي … و هكذا يكتشف أنه ليس من أي مكان و لا ينتمي إلى مكان…هذا الكتاب يتضمن كل هذا المعاش اليومي الصادم و أكثر…كل تلك المشاعر التي عاشها و كان يرغب أن يعيشها و يتشاركها مع أديلينا …يكتبها ليمنح نفسه بعض العزاء الذي يبحث عنه ، و كل تلك الأحداث التي تركت بصمة في شخصية بشير سامب و جعلت منه ذاك الشخص الذي هو عليه : ابن الرابعة و العشرون سنة الذي يطمع لكي يكتشف موهبته الفنية …

” رسالة الى أديلينا”هذا هو العمل الأدبي الفني الأول لسامب و تروي قصة عشرة سنوات قضاها في السنغال (2005-2015) و يترك الباقي لجزء ثان ينشره لاحقا، و هذا الشاب الواعد أنهى عمله بتأليف أغنية و تلحينها و سوف ينزل إلى الأسواق في حزيران …أغنية كان دائما يرغب أن يغنيها لأديلينا…

ترجمة و اختيار سمية تكجي/ المصدر/ el país

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى