أدب وفن

دعوة للهروب/قصة قصيرة/ بقلم الكاتبة هند خضر-سوريا

دعوة للهروب … قصة قصيرة


على أطراف حزيران يبدو أن المحال أصبح ممكناً …
التوقيت بعد منتصف الليل عندما ارتدى الكون ثوبه الأسود المرصع بالنجوم، ولكن عقارب الساعة لا تشير إلى زمن معين ..
هل تعلم لماذا؟
لأنني فيما مضى كنت ألاحق عقارب الساعة بناظريّ طوال الوقت وبفارغ الصبر أنتظر قدومك، أما اليوم أثمر انتظاري، صبري لم يذهب سدىً ، دعائي الذي خرج من قلبي وصل حدود السماء و جاء بك ..
جئت مغمساً بالعطر الذي اعتادت أنفاسي عليه، جئت إليّ وكأنك لم تغادر أبداً ، عدت لتقول : (أنت قمر) ..
أنت لا تعلم ماذا حلّ بي لحظتها و ربما تعلم، كنت كمن لا يبصر النور في عينيه و أبصر فجأةً ، كنت كيتيم فقد لذة الإحساس بيوم العيد و وجد من يحتوي فرحه و يعوضه عن الفقدان وأكثر من ذلك …
ثم جاء صوتك -إنه معشوقي – انبعث من تلك الحنجرة الماسية ليسمعني معزوفة فريدة تروق لي كاد قلبي أن يخرج من بين ضلوعي و يسافر إليك و يتربع على كفك بين خطوط يدك، أنا أعرف أنك ستعتني بقلبي جيداً ولهذا وضعته بين يديك ..
يا من احتليت كل تفصيل في حياتي و سيطرت على خلايا جسدي سيطرة تامة ، لطالما آمنت إيماناً مطلقاً بأنك عائد، فإحساسي بك هو الذهب المودع في خزانة نفسي ولم يغدر بي إحساسي يوماً ،وددت عند سماع صوتك أن أقول كلمة واحدة فقط-اشتقت لك – كلمة تختصر كل كلماتي وكتاباتي، ولكنني لم أستطع قولها، ربما هناك حواجز وضعها الزمن و أجبرنا ألا نتخطاها ، ولكن صدقني لا يهم سواء نطقتها شفاهي أم لا، لأنها تصلك عبر لغة أبلغ من جميع اللغات، لغة ليس فيها مفردات ولا تراكيب، لغة صادقة ولا مجال للكذب فيها، ألا و هي لغة العيون ..
بما أن الفصل صيفي بامتياز ،الأجواء كما نهوى ونحب،ما رأيك أن تلبي دعوتي؟ إنها دعوة للهروب إلى عالم خاص بنا، عالم مليء بالسحر والشغف،عالم الأحلام و الأماني الغالية ..
تعالَ إليّ، ضع من يدك كل شيء، و حتى ساعتك لا تضعها حول معصم يدك، فالوقت لا يهمنا ونحن معاً، سنجتمع في حضن غيمة عاشقة، سنسافر سوياً في دروب الفرح و النشوة محتضين قلبينا مع لمسات الغيم الرقيقة ..
تعالَ لنهرب، لا تسألني إلى أين، فقط أعطني يدك و سر معي، لا تأخذ مشط شعرك سأسرحه بأصابعي، سأكون محطتك الأخيرة عندما تشعر بالتعب و الإرهاق، سأكون سترتك في ليالي البرد، سأكون أنثاك التي تحتوي حزنك قبل فرحك، صمتك قبل كلامك، تعبك قبل راحتك و يأسك قبل أملك …
سأكون زهرة النرجس التي لم تستطع قطفها فرويتها من شهد حبك، حرستها و قلت أنها باقية داخل تراب القلب ..
تعالَ لنهرب إلى دنيا أخرى، حتى نغيب عن ناظرهم، ننسى فيها أين نحن و ينسانا الزمن، نبني بجوار الغيمة الهائمة كوخاً صغيراً يتسع لنا فقط، نستمع فيه لأغانينا المفضلة، أغنية تنقلنا من قارة إلى أخرى، نقوم بهندسة حديقة و نملؤها نرجساً و ياسميناً ،نحتسي قهوتنا الصباحية ولكنك ستسمح لي أن أقدمها لك بدون سكّر كما أفضل وجهك تماماً ..
أنا و أنت في حضن غيمة جيران القمر و سحابة الحب تمطر علينا عطراً و وردا…
سأكون لك جواز السفر و ستكون لي من خلاله سبباً للإقامة ..
تعالَ لنهرب معاً لأخبرك كم أنت جميل! لا بل جاذبية الأرض تتمركز فيك و أنك كنسمة باردة تلفح ملامحي في ليلة حارة من ليالي تموز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى