أدب وفن

“زراعة التبغ” و “المشك” بقلم الشاعر تيسير حيدر

زراعة التبغ…
قُشورُ البَيضِ والبطاطا المَسْلوقةُ وعُلْبتا سَردين فارِغَتان تُنبئُ بغَداءٍ شَهِيٍ لِوَرشَةِ زِراعَةِ التَّبغ في الحَقول
كُنَّا نَرشو السِنديانةَ لِتُهَيِّئ لنا ظِلَّها في القَيظِ
الجُهدُ والتَّعب ورائحةُ أجسادِنا تنبئ بالحُبِّ والبَذْل
الوالِدُ حَارثٌ وزارعٌ مُنذ الفَجر
الأمُّ والأبناءُ مَجموعَةٌ مُتراصَّةٌ تَتَذوَّقُ شَذى الأثلام ،تَلتَصِقُ بالثَّرى
ظُهراً نَلتَمسُ لُقمَةً ونُكمِلُ رِحلةَ البَحثِ عن الأمل
الإخضِرارُ سَيِّدُ المَوقِف ،شَتلاتُ التَّبغِ تُوَدِّعُ أنامِلَنا لِتَذوقَ حَلاوةَ الأرض
مُستَودَعُ مَحَبَّةٍ وفَرَحٍ عندَ انتِهاء العَمل
الدَوابُ تَحمِلُنا وتَموجُ بنا كَهَذهِ الحَياة في رحلةِ العودَة إلى البيت
نَنامُ على مخَدَّةِ الإنتِظار لِصباحٍ مُفْعَمٍ بالنَّدى والبَردِ وحَنينٍ إلى طَمْرِ الفَقرِ يَوماً من الأيَّام ،ولا يزالُ يُلاحِقُنا ،نَرضى بهِ على مَضَض !!

المِشَكُّ

كَمْ أكلَ من انامِلي المُرْهَفة
وَكَمْ عَذَّبني بوَخْزٍ
فَجْاةً يَنْقَضُّ على اللَّحْمِ الطَّرِيئِ فَيَنْهَشُه
كالكَلْبِ المَسْعور
ما حِيْلَتي ،وانا مَحْكومٌ بكَوْمَةٍ من أوراق التَّبْغ ؟!
لا مَناصَ من تَعْبئتِها في خَيْطٍ مَمْدودٍ من الظّلْم
اسْحَبُهُ بجانِبي وَيَمْتَدُّ
يُؤْلِمُني انقِطاعُهُ في بَعْضِ الاحْيان
فادُسُّهُ في ثقْبٍ اعْوَج وانُوْءُ بحَمْلِ الايَّام
جَنْبي ،ظَهْري ،وِرْكي يُؤْلِمُني
مِشَكٌ يَهْتَرِئُ في عِظامي الغَضَّة
والفَقْرُ على البابِ يَنام
يُتْعِبُني الفَقْرُ ،يُغْزِرُ دَمْعي
واميِّ تحِيْكُ اعْصابَها
وَتَحْبكُها غُضوناً على وَجْهِها المُتْعَب
وابي يَرْقبُ مَتَاعِبَنا بابْتِسامةِ نَبيّ
والايَّامُ نُعَمِّرُها وتَنْهَدُّ فوقَ رَاسِنا
خُدوشاً ،ودُموعاً ودِماء !!
المشك :سيخ معدني حاد تعبأ فيه اوراق التبغ بعد قطافها من الحقول ثم تفرغ في خيطان تعلق فوق منشر لتجف في وهج الشمس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى