أدب وفن

قراءة الشاعر محمود صالح في نص الشاعرة سمر كرامة

لا تغلقوا أبواب المدائن” بقلم الشاعرة سمر كرامة

هاجرت القصائد وطني
المجاز استوطن أرضه……
كل الاستعارات قيود …..
والكنايات عبيد متمردة ……
البحر سجن كبير يتسع لمئات السماوات.
تغرق في عينيه كواكب دمويّة
بسذاجة طفلة مدللة يبتلع رضابه المالح ويبكي…
الغيم يثمل من نبيذ الأحداق، يفترش الرمل جمرًا وحممّا…
كف القدر يفكك الضوء ويعيد حياكته على مقاس الوجع …
الشمس تفرك وجهها بملح الفضاء …
“أدونيس” يعبر النهر خفية وحده يعلم لغة الماء ووشوشات دمعه المعتّق ….


القمر يمشي طريق الجلجلة حافي القدمين
احد عشر كوكبا تسير خلفه .
سبعون نبيًا لليناببع ، والعطش كفر في عروق الماء ….


رماد في فم الريح وطائر الفينيق حائر …
المدى زجاج يتعرق دما
الليل يعصر قميصه في كؤوس الساهرين المنهكين ….
المدينة تمشي على قدمين من نار لا جرح يسعها
ولا مراكب تتبعها ….


الفجر همسة وصل في أذن الوديان وغصن لوزي تتأرجح عليه حوريات الحقول …
جذور الضوء ضاربة أعماق السماء ساجدة فوق تربة بكر ….
الضباب وسائد قطنية تخفي فيها وصايا الأزلية !!!!
الكل يسير إلى عرس القيامة…
مصابيح الشوارع تفتش جيوب المارة
تحتجز ضحكاتهم لمواسم قادمة
لشتاءات منهكة
لوطن آتٍ على مهل


لا تغلقوا أبواب المدائن ….
حرروا أياديكم من التصفيق ….
لا تستعجلوا الرحيل ….
استوقفوا موتكم ليوم آخر
ليوم يكون القمر غير مكتمل …..
السماء منهمكة بترتيب سرائر الموتى…
و أنتم منهمكون بالقهر…..

لا تغلقوا أبواب المدائن ….
لا تستعجلوا الرحيل …..



قراءة الشاعر محمود صالح

كأنه هو موعدنا مع القصيدة، و”هوميروس” ليس أعمى ولكنها بصيرة وبوصلة حين يضيق بالربّان بحرٌ أغلق عينيه على دماء الكواكب، فأية قِبلة لمجاز بلا وطن، واستعارات ترزح تحت وطأة القيد، وكنايات تنزف كناراتها آخر الضوء، أخبريني شاعرتي على مرأى من الملح في عيون الشمس، أكان خبيزنا للريح حتى يعبر “أدونيس” النهر وحيدًا، وما لامس الماء، هو الذي أدرك كنهه وأسرار عرشه.
كأننا الغرباء قبل أن تتعرّق جبهة القصيدة، كغربة “نسوة يوسف” عن “يوسف” أو كأنه لا يجوز أن نُجاوز جوزاء الجلجلة، أو نُجازي العطش على كفره بالمطر، كأنه وكأنه .. أما كان من حقنا أن نخطف الينابيع من فم طائر الفينيق كي لا نردّها مرّة للرماد، قلت لك لا تلمسي البروق فتحرقي “قوافل أبي سفيان”، سبعون نبيًا أكانوا لنا؟! فما رأيت السماء اخضلّت لحيتها، وما شهدت على أحد عشر قمرًا تسير خلف رؤاك!!..
ليس لي في عتاب جذورك الضاربة في تربةٍ بكر، تركتُ المعنى لظلّه، تركت مصابيحه مُعلّقة بمشاجب السّحب، وليس لي يدٌ إن احتزّت وصاياك أعناق الوهم والضّباب، لذاك القهر، لفاجعة المدائن، للمتعبين أوّل السّطر وآخر المحبرة، هذا البحر مداده لنا، ومانزال في انتظار قمر غير مكتمل لتهلّ عصفورة الشعر والنّبع والقصيدة ..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى