الموت حقيقة ولكن…
الموت حقيقة ولكن…
رندلى جبور
الموت حقيقة نعم… ولكنها حقيقة مغمّسة بالدمع والوجع. وأبشع ما فيها الفراق القاتل، ذاك الذي يجعلنا نخسر رؤية من نحبّ، ذاك الذي يحرمنا من قبلة وغمرة وحديث مباشر، ويُسكِنُنا في برودة ما تحت الصفر بكثير.
الموت حقيقة نعم ومكتوبة على الجميع، ولكنها تَكتبنا حتى نحن الاحياء، أمواتاً مع وقف التنفيذ إلى أن تأتي.
الموت حقيقة نعم وتمرّ قطاراً مسرِعاً على الكل ولن يهرب منها أحد. ولكنك حين تعيش موت المقرّبين، تضع رِجلك عند بداية النهاية. تفقد شيئاً من روحك، وتدفن بعضاً من ابتسامتك، وتخسر جزءاً من ذاتك، وتودّع الكثير من حيويتك وأحلامك حتى اللا إشعار. ويستوطنك الواقع، ذاك الملفوف بالغيم، وتصبح فصولك مقتصِرة على شتاء بلا دفء ولا حتى مطر.
فالموت هو موسم الجفاف الذي يصيب عقلك وقلبك. هو الموسم الذي يشلق فيه حبّك وتقع، وبعدها يصبح النهوض فعلاً شاقاً.
الموت حقيقة نعم، ولكنه يأتي دائماً على عجل ولو في التسعين. يخطف معه أنفاسك والروح. تذهب معهم الى حيث لا نعرف ولو كنا نؤمن بأنهم في مكان أجمل. في الحقيقة، لا مكان جميلاً إلا حيث نكون معاً.
الموت حقيقة نعم ولكنه يدمّر بنفس الطريقة أكان مفاجئاً ام كنا مستعدين له. من قال إننا حين نعرف انه سيأتي تكون الفاجعة أخف، واهِم.
وواهم من يعتقد أن هناك فرقاً بين موت وموت. لا فرق في الموت. هو واحد. هو غادِر بكل أحواله وأشكاله وتوقيتاته. هو كسكّين يطعنك ولكنك بدلاً من الدم، تسكب الدمع وتشعر أنها نهايتك أنت…
موتك الحقيقي هو حين يموتون هم، ولا حقيقة بعد ذلك!
*إعلامية و روائية