قراءة الأديب سليمان جمعة في نص للشاعر الصوفي د. طراد حمادة
حدّثيني
عن رحلةِ الصّيفِ والشّتاء
يا حبًةَ قلبي
أسمِعيني صوتَكِ الغريد
يا شهرزاد
اللّيالي الطّويلة
قضيناها معًا في مركبِ
الغزلِ
والبحرُ واثقٌ من جهةِ
الرّيحِ
والشّرقُ تضىءُ منهُ بوارقُ الأملِ
وطعمُ رذاذِ الموج ِ
يشبهُ سكّرَ القُبلِ
تعاليْ
لنُبحرَ إلى كلّ الجهات
سوف تكونُ لنا الشواطيءُ
السّاحِرات
وتكونُ لنا السّاهراتُ في اللّيلِ
دليلا ً
إلى منازلِ العشّاق ِ ..
و تراجمُ الأشواقِ
في لمعاتِها تُشرقُ
و مَنْ نُرسلُ له نورَ الحكاياتِ
يُصغي إلى فصولِ وجدِها
يعشقُ..
د.طراد حمادة
أثينا في 19 -1 -2022
القراءة
الشعر عالم جديد يسكن في الغد ..في الآتي ..في المخيلة ..
في الذهن …
يحاول الشاعر ان يرسم لنا من عوالمه واحة ..يدعونا ان نزورها فنجوس ارضها ونتنفس هواءها ونصغي الى اطيارها ونشرب من خمرها ومن زلال مائها ..ونتكىء مع فتيات الاحلام تحت ظلالها ..وقد تعرينا ونفضنا عنا غبار الرحلة ..
قد تكون رحلة الصوفي زورق الشعر خيالا ولغة ..والاشراق ليس له وحده انما لمن يرسل اليه هذه الرحلات لتشرق به ويعيد الترحال في واقعه ..
فيرى بعين التغيير ويعيد ترتيب خزانة ذاكرته فتنرسم في مخيلته واحته الخاصة ..اي حركة جديدة لحياة الظاهرة التي يتفكر بها ويريد لمجتمعه ان يسلكها مشرقا ذاهبا الى المستقبل ب كل ما لديه من ذخائر وقد جددت ذاتها ورتبت حركتها…
لنعد الى رحلة شاعرنا ونتعرف اليها .. ونعرف ان ما يحاصره هو القعود دون حركة الزمن ..اي الثبات على القديم ..فلم يقل خبريني انما حدثيني ..فالخبر قدم والحديث جدة .. فكيف يخترق هذا الجمود بالرحلة الصوفية التي تترجم له وترسم عالمه المرتجى.
اخبرنا بالبنية الاولى عن انثى …”حدثيني”
ليس امر انما التماس الحديث والمؤانسة والرفقة ..والحديث كلام واخبار اي عالم …اشياء وناس في حركة حياة ..
والحديث يضمر الجديد المحدث .. فأي جديد في الذي عين لها طريق الرحلة ..في البنية “
عن رحلة الشتاء والصيف”
فتلك ايلاف ..اي تناص يستحضر زمانا ماضيا وشعبا من السلف ..والايلاف هو وحدة وتآلف يجمع الناس على مر الفصول يقصدون فيها امكنة ابتغاء التجارة و التعارف ..
فهل تخبره تلك المرأة عن جديد قد.حدث في تلك الرحلة .. هي “شهر زاد “
كل ليلة في حديثها لها جديد وحكاية تستكمل.. يتشوق اليها شهريار ..
وفي بنية اخرى يخبرنا ان الرحلة في البحر..والغبار رذاذ كطعم القبل ..فيستحضر سندباد رحالة .والبحر واثق الموج ..والشرق وجهة الرحلة تضيء ..الفاعلية توحي بالامان كالضوء فليس من خطر ..وسيكون هناك حديث غزل وحكايات تبثها الساهرات في الليل .. فالحديث اصبح وعدا اي في الزمن الآتي وليس ماضيا ..فكما كان الايلاف ابتغاء ربح وتجارة وتعارف والفة ولا عدوان بين الشعوب
وهو يتجه الى اتجاهين في فصلين ..وهنا يدعوها للابحار في كل الاتجاهات ..السفر الدائري كهذا الكون بدايته نهايته كالرقصة التي تجعل من ثوب راقصها كونا ومن رأسه نجمة ..ومن حركته وصالا ..
فالوعد هو دعوة يستدعي النداء …تعالي ..هذا النداء للرحيل ..والاصغاء للحكايات سيرشدهما الى منازل العشاق .. كل الرحلة حديث وكلام
واصغاء بالسمع .. الى فصول الوجد .. وهي رسائل حدسية الى …مجهول ان سمعها توحي له بالعشق ..
تلك هي الغاية من الحديث …الاصغاء الى فصول الوجد المضمخة بالالفة وعليها كل الازمنة لتكون حكاية سفر.. ليكون عشق .. مضيء كالشرق.. وتخلص من وعيد سيف شهريار ومن ظنونه ..فتضيء الحكاية على شفتيه الرذاذ كطعم القبل..
التشوق والعشق والاشراق هي وحي ان نسافر الى فصل الحب الدائم ..ان نتذوق الضوء /الحديث على شفاه انثى الرحلة
اي طيف حياة جديدة ..
صوفية حبة القلب .. ان نرحل والضوء الحبيب فينا .يهدينا الى الشرق ..والشرق كما اوحى جبران هو وحي المصطفى المختار نبي الذات ..الدائم السطوع والحديث.. هل نرفض المحدث الذي يأتينا ؟