جنوح البعض نحو الكتابة الايروتيكية
الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي
سمعت قصيدة لشاعرة عراقية ظهرت بعد 2008, والحقيقة ذهلت من ما تحمله الابيات الشعرية من كمية الخلاعة! مما يجعلني اخاف على اطفالي من هكذا شعر متهتك, لا يراعي القيم والاعراف الانسانية, شعر يخاطب الغريزة ولا يحمل فكرة او رسالة نبيلة, ولا يمكن عده من الابداع, ومن نفس الطينة انتشر نوع من كتابة القصص والروايات التي تركز على الجنس كوسيلة لجذب القارئ! وعندما ننقدهم يقولون لنا: “انهم يمثلون المدرسة الايروتيكية في الكتابة الادبية”, ورفضنا لما يصدر عنهم دليل الجهل, هذا منطقهم وردودهم, مع ان التعمق معهم يجرنا لاكتشاف خيوط الخبث المخفي وراء صنعة الكتابة والشعر الايروتيكية, امر خطير جدا.
ان الكتابة الاباحية تنتشر تحت عنوان الصنعة الادبية, مع ان الكتابة من النوع الاباحي تقوض النص, من اجل النسق الذي يظهر الجسد كوجود سالب, حيث يتم تفريغ الانسان من محتواه الانساني من قيم ودوافع الابداع, حتى ان الحركة النسوية الغربية سابقا وقفت موقفا معارضا من هذا النوع من الكتابة, حيث جعل من المرأة كوجود مستلب من الايروتيكية ونصوص الجسد, جاعلا من النص الادبي تعبيا فاضحا عن رغبات الجسد, والشهوة الكامنة في الجسد ولا شيء غيره!
· مؤسسات غامضة وراء الدعوة الايروتيكية
تشكلت بعد 2005 مؤسسات عديدة تدعم الشباب المتحرر, وتشجع هذا النوع من الكتابات عبر تسهيل طباعة الكتب! وتدفع المال كجوائز, وتسهل لهم السفر للانضمام في دورات وورش خارج الوطن, وهكذا تشكل لنا فئة من الشعراء والكتاب غارقة بالإباحية, بعنوان الفن والادب والثقافة ضمن المدرسة الايروتيكية, وتنشر دعوات التحرر عن الموروث, وهي الان تقوم بالدور المرسم لها (بعضهم من حيث لا يدري), وتنفيذ مخطط هذه المؤسسات الغامضة في تحقق هدفها وهو نشر الاباحية عبر الادب والفن, وجعل الجيل القارئ مرتبط بهذه الدعوة الخبيثة.
ونتائج هذا المخطط الان ظهرت ثمراته حيث نجد الانحرافات السلوكية اصبحت علنية! واصبحها يفتخرون بما يفعلوه, وعبر الروايات وجدوا مخطط لفعل كل قبيح, تحت عناوين براقة كالحب والتحرر والشجاعة.
· كسر السطوة الذكورية على الثقافة والادب
يدعي الداعمين للمدرسة الايروتيكية والمنفذين لنهجها انهم يحاربون قيود الجهل, وهم دعاة للمساواة, وداعمين لحرية المرأة والسعي لإخراجها من سطوة الذكورية التي تكبح جماحها, وتمنعها عن التعبير عن ذاتها,
لكن الغريب ان يتم حصر التعبير عن حرية المرأة الا عبر المدرسة الايروتيكية! بالحقيقة هو مستنقع ضحل جدا (الايروتيكية), والذي اريد منه سحب الاصوات المعارضة وجعلها تغرق في وحله, بدل من ان تحقق العدل والمساواة عبر اساليب تحفظ كرامة المرأة, لا ان تجعلها بوق للدعوات الاباحية عبر الثقافة والادب والفن.
· تقليد الغرب الاعمى
لم يكن العالم الغربي قبل مئتي سنة على ما عليه اليوم من غرق بالانحرافات السلوكية, بل كانت المجتمعات الغربية ضد الدعوات الاباحية, وكانت تهتم بالشرف العائلي, والزي المحتشم للمرأة, ولا يختلف كثيرا على قيم المجتمعات الانسانية جمعاء, لكن بفعل سطوة رجال المال, وادارتهم الخبيثة للمنجزات الحضارية, عملوا على مسخ المجتمعات الغربية وجعلها بشكل هجين غريب لا ينتمي لكل التاريخ الانساني, وتم لهم الامر بعد الحرب العالمية الثانية, فأصبحت الدعارة تجارة, والتعري فن, وشرب الخمر زاد المثقف, والمثلية حق انساني, والخيانة الزوجية ردة فعل وانفعال انساني يمكن العذر لفاعلها, ومن حق الشابة ان تطلق العنان لمتابعة شهواتها, والقانون يكفل حمايتها من اهلها, ويعاقب من يحاول منعها من ممارسة العهر!
هكذا اصبح المجتمع الغربي مسخ مخيف, ونضج وتطور بهذا الاتجاه, مع حالة الرخاء والرفاهية.
وعند بدأ صراع الحضارات تعكز على منجزات التطور وثورة الكبيرة لمواقع التواصل الاجتماعي والرسائل التلفازية والسينمائية, وهنا بدأت حرب فرض المثال الغربي وجعله الشامل لكل الامم, والان نجد ما يحصل في مجتمعنا من خراب نتيجة تهدم الحصون الحضارية, وانتشار الادب الايروتيكية احد افرازات حرب الحضارات, وفرض المثل الغربية على مثقفينا ومجتمعنا, فكل من ينهج منهج هذه المدرسة الادبية الدخيلة (الايروتيكية), هو مجرد دمية بيد صناع الحضارة المسخ.
· صورة اباحية وليس نص ادبي
انها مدرسة منحازة للشهوة واللذة وتصوير فعل الجسد, ولا تمت بصلة للأدب ورقي الكلمة وتأثيرها الابداعي في النفوس, فما هي العلاقة بين الجسد والنص, فالجسد كواجهة نصية يعكس مجموعة علامات او اشارات, هنا النص يعيش حسب الاشارات الجسدية, فالخيال السردي لانفعالات الجسد لا يمكن وصفة بفعل ادبي فهو وصف لثورة الشهوة وانفعالاتها وصولا للذة, وهذا هو وصف دقيق للخطاب الايروتيكية, وهو لا يعني انه خطاب يجب ان يكون منحصرا ونتاج النساء فقط, كما يصوره البعض, كما ان بيوت العهر بالأغلب تديرها النساء, كذلك يتم تصوير ان هذه المدرسة (الايروتيكية) اغلب من يدخل فيها ويرفع رايتها هم من النساء.
لكن نجد اهتمام اكبر من قبل القراء لما تنتجه المرأة من خطاب ايروتيكي وكيف تصف حالات الجسد وانبثاق الشهوة, ومن هذه النقطة يعتبرون ممارسة الانثى لهذا الصنف من الخطاب هو مسمار في جدار كبت حرية المرأة, هكذا يصورون الامر بغية اقناع السذج, مما جعل بعض النسوة يتجهن الى الكتابة عن الجسد بغية كسر القيود ورفض النظرة الدونية للمرأة, بل تجعل منها شريكة في الرغبة والشهوة في سعي وهمي لإعادة اعتبار المرأة من منظار الاباحية.
مع انها بالحقيقة مجرد دمية بيد الكبار, لنشر رسائل اباحية بهدف دك قيم المجتمع والعمل بجد على مسخ هوية المجتمع.