أدب وفن

مجموعة قصائد بقلم العلامة الشيخ حسين أحمد شحادة

صلبوا الصلاة
——
تجيء الفساح
وتمحو سيئات الظلام
بريشة ترسم عند الغروب هلال الضوء
فيشفّ الورد عن كوكب للفجر
ويزهو الصباح
بين امتلاء الخضرة بالماء
وامتلاء الأزهار
بعطر دامع العطر
بنص جديد
ويأخذني الحبّ بهذا النقاء
إلى معنى الحلول
وارتباط الغصون بالغصون
وعود الوجود
إلى عروة واحدة
لكنّ أصحاب الصفات
أعني
أصحاب الجباه السود
صلبوا الصلاة
وأنزلوها إلى حفرة لا تغفر للخطاة
وأنزلوني إلى دم جنّ جنونه
والتهى المقدس بالمدنس
فلم يجد في مساجد الضرار
غير موضع للسجود
على التباس مثخن بالخطايا
التي تذهب الحسنات
في أمةّ ورثت ذنوب الطغاة
من ذنوب الصمت على الطغاة
وتكررت فوائض التاريخ
في معاصي التاريخ
فانسدت الأبواب
فلا جلباب يستر الغياب
ولا قمر يهيم بالأنثى
سوى ما حفرته القبائل
لوأد النساء
…….

سراب البلاد
التي لا تلد إلاّ الذكريات

—-
وما يدريك
لعلّ الغصون
شرايين الحزن
وأنا ربيب المنافي والسجون
ولست وفياً
سوى للخبز والماء
لا أرى غيمتي
وقلبي لا يراني
غير أني
أرى الطفل الوحيد
ينقش في التراب
بوح أغنية
لطائر بجناحين
لم يورق البكاء
لم يورق الغناء
وبفعل هذا اليباب
لم ترق لي تجارب الأسلاف
لم تبرق الأشجار إلى منتهى البرق
وأرى ثكلى الفراشات
تؤدي فروض النواح
لتسترّد الذكريات
التي بلغت من عمرها ألف عام
ولَم تزل ماثلة
أمام السراب
سراب البلاد
التي لا تلد إلاّ الذكريات
…..

الأشجار العميقة
—-
كنت ملهوفاً بظلها
وأحبّ فيء لونها الأخضر
وكنت أحبّ
وأنا في نحو العاشرة من صباي
أن أحادثها حديث العشاق
لأشتم عطر الفجر من أنفاسها
فأراني أكبر من عمري
فأخاف عليها من مكر الجهات
التي لا تلمع في أحضانها خيوط الشمس
فينشق من خوفي أرق مثل الرهبة
لا يكاد يراني
ولا يكاد يسمع صوت الرعشة في دمي
كيف أغلق البحر
كيف أوصد الأبواب عليها
قد تكسر الريح أغصانها الوارفات عليّ
فتصرخ فيه لتحميني
وقد تلويها العاصفة بضربة موجعة
فتلوذ بركبتي المكسورة
أو
تنحني على أضلعي المعتمة
لكنّ الجذور المريضة
في غياباتها الواهنة
تلتفّ من داخل سردياتها المبهمة
فتقتلها
وتقتلني
كما الحلم المنهوك بأشجاره العميقة
……

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى