اورهان باموك:” في عالم الكتابة أحس بأنني جزء من عائلة المهندسين”
ترجمة / سمية تكجي
المصدر/ LA PAGINA 12
اورهان باموك:” في عالم الكتابة أحس بأنني جزء من عائلة المهندسين”
” و الغالبية العظمى من عمل الروائي هي التخطيط، التعديل، سرد كلمات، والتفكير في نفس الوقت في مهمة كل فقرة في التأثير الكلي للعمل الأدبي . هكذا قال الكاتب التركي الكبير أورهان باموك.
بعد أن نال جائزة نوبل عام 2006 ,تأخر باموك خمس سنوات كي يكتب رواية ” ليالي الطاعون” و هي تروي نتائج الطاعون الذي انتشر في أوائل القرن العشرين ، و بحسب الكاتب التركي اورهان باموك بأن أول ما استلهمه من حدسه و شعوره بفضل الخيال هو أن الإنكار هي حالة كونية و ليس لها علاقة بزمن معين و هي تؤثر على كل الأشخاص و على كل الحكومات.
يعتبر باموك ماهرا في مد جسور الفكر بين الشرق والغرب، اعماله الأدبية ترجمت إلى أكثر من سبعين لغة ، شهرته العالمية حازها عندما كتب رواية ” المنجمون و السلطان . و تكرس بشكل نهائي مع قصة ، “انا اسمي الأحمر” و هي الرواية التي كتبها من وحي المدينة التركية في ظل حكم السلطان مراد الثالث. في 2006 حين كان عمره فقط 54 عاما، نال جائزة نوبل و قد وعد أن ينجز وعوده الأدبية بدقة و اهتمام بالغ و لذلك قال باموك:”فكرت 40سنة في روايتي الأخيرة و الآن سوف أنجز رواية أخرى بدأت العمل عليها منذ 35 سنة .”
بين أصداء رواية دافويه ” يوميات سنة من الطاعون ” و “الطاعون” لألبرت كاموس” فإن رواية اورهان باموك ” ليالي الطاعون” التي طبعها و نشرها في دار راندوم هاوس سرد فيها 600 صفحة على لسان إمرأة مؤرخة ، تموضعت بين الأدب و الحكاية و القصة. و التي بدأت عندما قام مركب بالإبحار باتجاه جزيرة من محض الخيال في شرق المتوسط . و ذلك بمهمة تأكيد الإشاعات التي انتشرت حول الطاعون .
أجابات أورهان التي تعكس فكره و آراءه
عبر تطبيق زوم و من اسطنبول مدينته مسقط راسه حيث يتنقل مع حراسه الشخصيين حيث انه و منذ 2008 يعتبر هدفا للقومية التركية ، باموك وصف كيف يفكر كروائي ،و فهم الدور الإبداعي الذي اسنده إلى احكامه المسبقة و كيف ساعدته الرواية على فهم مسار الوباء و أيضا كيف فهم من خلالها سلطوية الحكومات تجاه هكذا ازمات .
و حين سئل باموك عن قربه أكثر من المهندسين في عائلته لأنه في كتاباته يستخدم الحسابات و الارتكازات كما يفعلون , عندما قام ببناء “ليالي الطاعون“
باموك pamuk
و كان رد باموك : هناك وجود لتناقض قديم مثلا غوته يقول انه يكتب من دون مخطط و كأنه ممتَلك من الله ،بيننا شيللر يقول أنه يخطط و يحسب و يرتكز كما يفعل المهندسون المعماريون، بالنسبة لاورهان باموك يحدث أن يتملكني الإلهام الشعري فأكتب…لكن أكثر الأوقات أحب أن أخطط، امحو، أعدل و أرغب أن اتنبأ بالتأثير على القارىء، في هذا السياق انا جزء من المهندسين ، بعضهم يتهمونني أنني بلا قلب و لا عواطف عند الكتابة ، لكني لست كذلك فأنا أترك الباب للعاطفة و القلب عندما يتطلب الأمر ذلك . و اذا ذهبنا أبعد من رواية” ليالي الطاعون” فأنا في جميع كتبي هناك شكل من الدواخل . لكن كي أكون صادقا فأنا أفضل كروائي أن أخطط، اعدل، ارصف الكلمات ، و أفكر بالدور التي تلعبه كل فقرة في مهمة التأثير العام للعمل الأدبي
و عندما سئل اورهان باموك عن سبب اهتمامه بالآفات
باموك pamuk
اهتم بذلك لعدة أسباب ، فأنا مهتم بفترة الحجر أيام الكوليرا و استوقفني رأي المسلمين حين لا يهتمون بذلك ،لأن باعتقادهم أن الموت هو بأمر من الله ، و كذلك يستوقفني حالة هلع الناس عندما يأتي الأسوأ و عندما ينتقدون الحكومات لعدم حرصهم على حماية الناس من الآفة و بدورها الحكومات حين ذلك تصبح أكثر سلطوية من أجل تعزيز الحجر ، لذلك نحن نرى مسارا من عدة مراحل ، هي النكران ، و هذا النكران ليس حالة تنحصر في مكان أو زمان بل انها حالة كونية، لكن المثير للجدل أن الأشخاص يطلبون من الحكومة أن توقف الوباء ،و عندما تفرض الأخيرة الحجر ، فإنهم يتمردون عليها .
أضاف باموك : من الصعب إيجاد حل لهذه الإشكالية، و انا خلال بحوثي الطويلة في هذا الموضوع توصلت إلى استنتاج أن المرض و السلطوية و العصيان هي حالات مترابطة ومستمرة فيما بينها .طبعا هناك اختلاف ، نحن في هذا العصر لدينا الحظ اننا واجهنا كورونا بالوعي و العلم و إن التكنولوجيا تجعلنا نعرف ماذا يجري في كل العالم ، و رأينا بأم العين ماذا حلّ بسكان البلاد التي لم يتبع فيها السكان إجراءات الحجر .
.و عند سؤاله حوالي اذا ما كانت الكتابة عن الآفة تساعد على التعافي و التجاوز
باموك pamuk
ليس بالضرورة ، لكن يحصل أمر آخر ، الكتابة عن الأمر ساعدني على فهم الناس و التعاطف معها حين يتفاعلون تجاه الفيروس، و أتفهم، غضبهم،نكرانهم، خيبتهم، هروبهم إلى الطبيعة ،أو إلى مكان بعيد كروائي اهتمامي بفهم الناس هو جزء مهم من العمل و تأثيره و نتائجه في الحقبة التي حصل فيها و في هذا الكتاب كانت الآفة و كل تداعيتها سلبا و إيجابا هو السبب في سقوط الإمبراطورية العثمانية .
عندما سئل اورهان باموك عن سبب كتابة روايته من وجهة نظر نسوية و على لسان المرأة
باموك pamuk
كلما كبرت في العمر أحببت أكثر التعرف على الشخصيات النسائية و كبر اهتمامي على العمل مع أصواتهن. و لا انسى بأنني من الشرق الأوسط المشحون بالأحكام المسبقة ، فالعمل الأدبي الذي يحمل صوت المرأة يسهم في تخطي هذه الأحكام .و كذلك للقول إن تكتب بلسان المرأة هو تحدي فني و جمالي و كذلك لتبيان أن النساء لسن متشابهات في حالة التفاعل أمام الوباء فهناك اختلافات كثيرة و كذلك اختلاف بين نساء من الطبقة العليا و الطبقة الدنيا .