أدب وفن

حوار مع الذات/ بقلم القاصّة هند يوسف خضر -سوريا

حوار مع الذّات

الّليل مجدّداً وعقارب السّاعة على موعد لتلتقي ببعضها بين نهاية يوم وبداية آخر ،كم من شخص أضاع نفسه في وضح النّهار على أمل أن يجدها ليلاً ،كم من قلب طحنته رحى الحبّ و أودت به إلى بئر الضّياع ،كم من رئة صعدت زفراتها إلى السّماء لتعلن نفاذها من الأوكسجين ..
لعلّ هذا التّوقيت هو جسر للعبور إلى عالم آخر ،تتكاثر فيه الأحاسيس وتتمدّد ،تطرق الهواجس أبواب العقول ،تنصاع الذّات إلى رغباتها ولكن ثمّة شيء عالق في الخبايا يحول بيننا وبين ما نتمنّى، ربّما لأنّنا على يقين بأنّ الكلمات تفقد صلاحيّتها حين تُقال…
مع انهمار عطرك فوق جنون أوراقي يبدو لي أنّ معانقة قصائدك ضربٌ من الانتحار،يسقط وجهي فوق أناملي النّازفة ،توقيتي الآن أنا إلّا أنت..
في الأمس وددت أسمع صوتك في عمق الّليالي يصدح في فضاء عقلي فأشرب نخبه على وقع خطوات وحدتي حتّى تثمل حبالي الصّوتيّة منه ،ناظرت عقارب ساعتي وكأنّني في سباق مع عجلات الزّمن ،رفض قلبي أن يعلن استسلامه وتمنّع عن غسل وجه نعاسه بلجين العشق ، زهر الياسمين الّذي عصر عنق إحدى صباحاتي ،وعدني ألّا يغادر شرفة عمري ذات نهار،اعتدتّ شذاه حتّى أدمنته،لطالما سافر بي على غفلة من روحي إلى بلاد الرّغبة والرّمل..
أمّا اليوم ضجيج الصّمت الّذي يقيّدني بسلاسله ماذا أفعل به ؟فهناك كلمات أصبحت سجينة في حنجرتي ،تكاد تأخذ من عافيتي وترديني قتيلة بين براثن الكتمان ..
قرّرت أن أبوح بخلجاتي ومشاعري لصفحاتي العطشى ،وأدع حبر أصابعي يتكلّم عني ..
عندما تتشابك الأسئلة في رأسك وتنعقد كخيوط يصعب فكّها وتصاب معها حواسّك بفوضى عارمة حاور نفسك ،اصغٍ لها ،عندها فقط ستخرج من دائرة العتمة، سترسو سفينة أفكارك على شاطئ الطّمأنينة وسيرقد جفنك بسلام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى