النقيب ريمون شديد
خَسَرتْكَ العدالة

النقيب ريمون شديد
خَسَرتْكَ العدالة
بقلم المحامي عمر زين*
قامات نقابية امتلكت بتجاربها ونضالها بعشرات السنين خبرات من الانقى وطنياً، ومن الاعلى شفافية وجرأة واستقلالية، نفتقدها من دنيا الفناء الى دنيا البقاء ونحن بأمس الحاجة إليها لتستمر في عطائها الناتج عن القيم والأخلاق والمناقبية والمنحاز إلى وجوب قيام دولة القانون والمؤسسات.
انه النقيب الراحل المغفور له ريمون شديد الذي غادرنا بالأمس وهو من هذه الكوكبة الرائدة التي دافعت عن المحامي وكرامته والانسان وحقوقه ولم يرضخ لضغوط ولم يفرط في حق، وكان من العاملين لنصرة قضايا العرب المحقة وكانت له المواقف المشهودة في مؤتمرات اتحاد المحامين العرب والمكاتب الدائمة، ولن ننسى يوم فوضه الأمين العام لاتحاد المحامين العرب المغفور له فاروق أبو عيسى لتمثيله في تأسيس النقابة الدولية الجنائية، ومن خلال نشاطه وعلاقاته فاز المحامون العرب بأربعة مقاعد فيها بشبه إجماع.
واننا نرى أنه لا بد أن نشير بأنه تحمل شخصياً جميع نفقات السفر والإقامة في جميع المؤتمرات والاجتماعات التي حضرها بالخارج سواء تلك التي مثل فيها نقابة المحامين في بيروت أو اتحاد المحامين العرب ولم يحمل صناديق النقابة أي عبء من اي نوع كان.
عمل الراحل الكبير على رفع المكانة العلمية للمحامين ومواكبة التطور العلمي والتقني، وتدريبهم على الوساطة، وعلى المعلوماتية القانونية، وكان خطابه الذي ألقاه في 31 كانون الثاني / 2003 في مقر الأمم المتحدة حول دور نقابة المحامين في بيروت في التأكيد على حقوق الإنسان ودور المحامي ونقابة المحامين في ذلك على الرغم من المصاعب والعراقيل والعمل على تذليلها وقيامها بالدور الوطني الرائد.
ولن ننسى جهده ومجلس النقابة في التمسك وبحق بأن المحاماة والقضاء لا يتجزآن ويشكلان عائلة واحدة.
لقد أصر النقيب العزيز على اعتماد اللغة العربية كلغة أساسية في المحكمة الجنائية الدولية فكان له ذلك بأن فرض لغته وثقافته على عملها.
لقد امتاز الراحل الحبيب بسمو الخلق، ونقاء سريرة وبشاشة عند كل لقاء وكأنه يعبر في ابتسامته الدائمة ما جاء في الحديث القدسي “تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة”، كان متواضع على علم واسع، وهل يمكن لعالم جليل مثله أن يتكبر ولسان حاله “علمت شيئاً وغابت عنك أشياء”.
الى جنات الخلد يا عزيز النفس والصادق والمحب، والهمنا الله جميعاً عائلة المحاماة والعدالة وعائلتك الكريمة فرداً فرداً جميل الصبر والعزاء.
*الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب
بيروت في 12/8/2022