القفز برجل واحدة / بقلم الكاتبة الليبيةخيرية فتحي عبد الجليل


الكاتبة الليبية/ خيرية فتحي عبد الجليل
القفز برجل واحدة
نتجمع ، تتقدم أحدانا ، تتناول قطعة من الفحم من يدي ، هذا الفحم الهش الذي أخذته من تنور جدّتي وخبأته في ورقة مهلهلة نزعتها من أحدى كراريسي ، وركضت إلى الساحة حيث تجمعنا ، كنت أحتفظ بقطع الفحم في راحة يدي وأقبض عليها بشدة ، أحدانا تناولت من يدي قطعة الفحم كانت تملك جديلتين طويلتين ، شعر أسود كثيف ، عينين كحبتين من اللوز وابتسامة مبتورة ، انحنت على الرصيف ورسمت المربعات ، أخرجت حجراً صغيراً مربعاً من حقيبتها وبدأت في اللعب ، رمت رميتها الأولى فأستقر الحجر في المربع الأول ، أخذت في القفز برجل واحدة ، أكملت الشوط ثم عادتْ ، قلت بهلع ، أنا لم أكبر إلى الحد الذي يمكنني من القفز برجل واحدة ، ازدرت ريقي بصعوبة ، وواصلت مراقبة البنت ذات الجديلتين ، رمتْ قطعتها الحجرية في المربع الثاني وواصلت القفز ، هل أعود أدراجي ؟ نظرت إلى قطعة الحجر في يدي وبدأت في مقارنتها بحجر رفيقتي ، خيل لي أن حجري كبير وأنه عند رميه سوف يخذلني و وجدت يدي ترتجف ، أكملت الشوط ورمت الحجر في المربع الثالث فأستقر في الوسط ثم بدأت في القفز من جديد ، كنا نراقب اللعب بقلوب واجفة وأنا كنت أنتظر أن تلقي ذات الجديلتين بالحجر فيسقط في مكان خارج منطقة اللعب ، أو أن تنهك وتقع ولا تقف على رجل واحدة ، أو أن لا تتمكن في نهاية الشوط من غلق أي مربع ، كان قلبي الصغير ينتظر أن تحدث معجزة ، لكن البنت الصغيرة واصلت اللعب وتمكنت من جميع المراحل إلى أن وصلت إلى المرحلة الأخيرة والخطيرة ، هنا تنفستُ الصعداء ، قلت في ذات نفسي ، لن تستطيع أكمال الشوط إلى النهاية ، أن تقفز برجل واحدة شيء عادي أن ترمي فلا يسقط إلا حيث تريد أمر وارد الحدوث ، لكن هذه المرحلة تقفز مغمضة العينين ولا يجب أن تمس أي خط من خطوط اللعب ، لا بد أن تطأ قدمها الخط الفاصل بين المربع والمربع ، لا بد ، قبل أن تبدأ في هذه المرحلة الخطيرة أغمضت عينيها ، ثم تنفست بعمق ، تنهدت وشربت جرعة ماء كبيرة ، استعدت وبدأت
صرنا نردد
” آآآمي ، سلالالالامي “
أصواتنا الصغيرة ملأت الكون ، كنت أدفن خوفي وقلقي في الهتاف ، أخيراً فازت وأنهت لعبتها بنجاح ، ألتفت حولها البنات وهي سعيدة جداً وجاء دوري
سأبدأ اللعب ، تناولت حجري الصغير ، قلبي يرتجف ، نظرت إليها كانت جالسة تستريح ، و تراقب تقدمي نحو المربعات ، لكنني استدرت ذهبت إليها مباشرة ، حدثتها بصوت مرتجف ، سألتها
هل يمكنني القفز برجل واحدة مثلك ؟