أما من مجيب / قصة قصيرة/ بقلم الروائي د. محمد إقبال حرب
أما من مجيب …؟!
الدّمارُ العبثيُّ في كلّ مكان، عناوين الأطفال تمزّقت بين قِطع الليل عند أكوام الحجارة.
أين أنتم يا أهل غزّة؟
أين أحبائي الأطفال؟
هلمّوا من حيث أنتم فقد جئتكم بهدايا يسوع المسيح محبةً وسلامًا.
نادى ونادى: ألا من مُجيب؟
ردّ عليه الأنين مخترقَا الصمت بوجوم الحجر الصلد. جال ببصره في ظُلمة كلحاء فلم يرَ إلّا سواد الليل. ما أن اتكأ على عربته الخشبية حتى أضيئت السماء بوميض القنابل، واشتعلت الأرض بانفجارات الصواريخ. رأى صفوفًا لا تُحصى من الأكفان الصغيرة تتجه إليه. ارتعد من المشهد، تمالك نفسَه من الانهيار. سقطت الأكفانُ عن أجداثها التي اتجهت إليه، مهشّمةً، مقطّعةً، أطرافٌ بلا جسد ورؤوس أطفال تبحث عن أجسادها. صرخوا بـ “بابا نويل” “أعطنا الأمان كفاف حفرتنا”.
نظر إلى السماء عبر شحب الكراهية والوحشية، رأى اشباح أشكال مبهمة تتسارع نحوه، ترافقت مع أصوات محرّكات عسكرية تزحف على الأرض تتّجه نحوه. نظر حوله، رأى جنودَ الصهاينة تحيط به. صاح بهم: “أنا بابا نويل، رسول سيدنا المسيح”. ردّ عليه جنود العدو: إذًا أنت فلسطيني وأمطروه بكل أنواع الأسلحة.
ساد السكونُ وطال انتظار أطفال المعمورة بينما أجداث أطفال غزّة تحمل أشلاءه إلى قبورها هدايا ميلاد يسوع المسيح.
محمد إقبال حرب