رحلة الغفران/ قصة قصيرة
رحلة الغفران
ها قد أشرقَ فجرُ الحب عليها بعد طولِ انتظار ، فاطمأنّتْ إلى أن قمرَها سيغفو على حُلُم، وستنيرُ شمسُ الحبيب صبَاحَ ارتحالِها.. خلَدتْ الى أمنياتٍ أضاعتها في رحلةِ عُمرِها القلِق.. علَّ قِصصَ الرّوايات ِتصدقُ نهاياتُها.. فتستيقظُ على … قُبلَةِ أمير.
غفت الجميلةُ النائمةُ طويلا.. وحين فتحت عينيها كانت خدود أميرات القصر مورّدة من شفاهٍ لامست غيبوبةَ أيَّامِها، فاستفاقت على .. حلُم، أضاعت على أعتابِه .. براءةَ طفولتِها.
هي الّتي بدأت عُمرَ مراهقتِها حديثًا، فتَحتْ عينيْها لتجدَ نفسَها تسبحُ عكسَ تيّارِها، تبدّلت أفكارُها فاختلفتْ معَ من حولَها.. لم تعُد تستطيعُ التّمييز، هل هم مختلفون فعلاً، أو أنّها أرادت ان تبرّرَ لنفسها فرأتهم كذلِك.
تحدّتهُم، وقفت في وجوهِهم، افترت عليهِم، واختلقت الروايات.. فكان القرارُ بإبعادها عن محيطٍ رأتهُ ظالمًا الى بيئةٍ حاضنةٍ. سرحت بأحلامِها وحلّقت بجناحي حُريّتها المفترضةِ فعاشت كلّ ما لم تعرفهُ من قبل، وتبدّلت عاداتُها وحياتها.
مرت أيام، لبِست جناح َفراشةٍ في محاولة للهروب بعيداً ، لكن أسوارَ الحديقةِ كانت عاليةً والمتطلباتُ كثيرة…
خطرَ في بالِها طعامٌ كانت تحبّهُ، ثمّ صورٌ، فألعابٌ…. فوجوه. مَدَّت يدَها فشعرت ببرد الفراغِ وسقطتْ على وجهِهَا دمعة فاحتضنت نفسَها طويلاً، ونسيت طعم النوم..
كانت يحكمها قانونٍ لا يسمحُ لها بالعودةِ الى بيئةٍ حكمت عليها بنفسها أنها ظالمة.. بكت لكن ما النفع، فكلُّ دموعِ الأرضِ لا تكفي للتّوبة، ولا تُصلِح في الأمرِ أمرا.
ستنتظرُ وصولَ قطارٍ ما زال يسيرُ على الفحمِ الحجري إلى محطة ِالغفران، ربما تجدُ حينها أن أخوتها ما زالوا بانتظارِها لإكمالِ ألعاب طفولتهم، وربما تجد أيضا أن والدتها أنهت طبخَ طبقها المفضَّل وأعدت المائدة لتجتمع العائلة حولها من جديد.
أدركَت أن ما بيدها حيلة، فألبسَتْ بصيرتَها نظّارةَ الصبرِ، وجلستْ على ناصية الأمل تنتظر معجزة تعيدها… إلى الحياة!
رندة رفعت شرارة/ شاعرة و قاصَّة
** قصة واقعية في مجتمعٍ ما، عن مراهقة بعمر الورد
تحية شكر وتقدير لأسرة “حصاد الحبر” وللشاعرة الأديبة سمية تكجي على النشر والاهتمام