أدب وفن

تجوال و إضاءات الشاعرة حكمت حسن في رواية “جرحى السماء” للدكتورة ام الزين بنشيخة المسكيني

جرحى السماء
ام الزين بنشيخة المسكيني
رواية
جداول

احلمي ان استطعت

ادخلي مدينة ألعاب ، وهناك فتشي عن غرفة الرعب والعذاب، اقطعي بطاقة تخولك دخول اللعبة- المتاهة- القدر، للعب مدى عمرك، ليس هذا فحسب بل كل أعمار من مروا وعاشوا قبلك في بلاد لغة الضاد، من مررن وعشن من النساء أيضا، ومن سيمر ويعيش من رجال ونساء’وأطفال من الذكور والبنات ، ومن كل الفئات التي يتكون منها تاريخ العرب وحاضرهم ومستقبلهم.ولا تتعجبي من صلاحية هذه البطاقة الشاملة فشمولية الأنظمة والفكر والحكم هي هي في كل البلاد والجزر والبحار المحيطة بها.

كتاب ( جرحى السماء) بطاقة ، كتبتها روائية فيه وأمسكت بيدها( كحاضنة تصوب خطها وحروفها) كاتبة وأديبة هي د. أم الزين بنشيخة.
جرحى الأرض الذين صاروا جرحى السماء ، رواية تجد فيها مآسي العائلة العربية ، في تونس تحديدا ، فمن ختان البنات( فالبشريون لا يتقنون دفن الأرواح ، ولا يقدرون سوى على وأد الأعضاء ص ٢٠٠) لذا تحولت كاتبة الرواية في الرواية إلى روح معذبة فاهمة تلبست أدوارا كثيرة ( شيء واحد يشغلها هو القلم والورق لكتابة ما تبقى من الغرق ،لكن المدينة التي غرقت فيها تمنع الكتابة لأنها مضرة بصحة الآلهة ص٦٩) وهكذا أتت هذه الرواية الرائعة لتخبرنا د. أم الزين عن مصيبة العصر الذي نحياه ( وفي بلد اخترع لسان العرب نفسه بعظمه ولحمه ، يندر أن تجد لسانا في أفواه الباعة ، فقد استبدلوه بعضو آخر ، واحتفظ باللسان الحقيقي عضوا احتياطيا ص٦٢ ) عن مصادرة بلاد ( قرطاج مدينتنا …قرطاج فضيحتنا ص ٢٣) ، عن ختان الحلم والمتعة والشهوة الى كل حياة ممكنة ومحقة ، إلى تزوير الانتخابات، تعذيب السجناء، تحويل الفتيات إلى جاريات ( فمرحى بكل من مر بها حبا أم ركلا أم عرسا أم دفنا. شهريار في حلمها مخصي، وهو نجا من الخصاء واحتفظ بفحولته عبر الاختباء بنقاب جاهلي ص٣٨) ،توزيع الحصص في الحكومات( صاحت كل النساء برئيس المجلس: سيدي ومولاي ، هل حقيبة واحدة تكفي؟وكيف ستتسع واحدة فقط لكل أغراضنا المنزلية والمهنية ص١٣٣) مصادرة ثورة الشعب، تكبيل حريات القلم والصحافة والشعر، ( توقفت أمام بائع الجرائد.. لفت انتباهها عنوان غربب…هنا تباع الشعوب خلسة ص ١٠٢ )خنق الأحلام ( وقالوا أيضا : أم في الحلوى الكثير من الوعد بالسعادة ؟ص٢٤) ،تحويل المآذن إلى مكان للصراخ ( لقد مر زمن طويل لم يصرخ فيه أحد في هذه المدينة …غير المآذن ص ٢١)
قالت أيضا الروائية بنشيخة : (حتى حفاروا القبور صاروا هذه الأيام ينتقون جيدا الجثث الجديرة بالدفن .. يا لبؤس هذا العصر الذي سقطنا فيه ص ٦٨)لذا أتت الراوية في الرواية لتعلن (انها ليست غريبة عن قدرها الجديد … وان كل المواضع صالحة للحلم …حتى لو سكنا جسم صدفة….قشرة واحدة قطعة لحم كافية لكتابة الرواية.ص ٧٩)
وهي في النهاية تكرر مع الراوية في روايتها(
لا أحد يدري من سيموت شنقا .. الأعضاء اللحمية أم الحروف اللغوية …أم الشعوب العربية. ص٨٥)

أترانا سنخرج يوما من متاهة العنف والتعذيب والبشاعة والرعب التي دخلناها ببطاقة دفعنا ثمنها حقبات وعصور من التخلف والقهر والظلم والجهل؟
أترانا سنسلك طريق الخروج ونركب سبل الثورات الحقيقية والمحقة؟ أترانا سننهض من تاريخ من تراثنا صار من الماضي ولم نزل فيه؟
أترانا سنكتب ونقرأ ونحب ونثور ونغني ونرقص ونفرح؟
أيكون للشعوب العربية حياة جديدة؟

حكمت حسن/ شاعرة و ناقدة /البنية
٣١-٨-٢٠٢٠

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى