أدب وفن

باقة قصائد بقلم الشاعر الشيخ حسين أحمد شحادة

جفّ بئر اللغة وأبكاني الهوى

جفّ بئر اللغة وأبكاني الهوى
لم يزهر الضوء في جسدي الهامد
وأعياه القمر الحرون
والزيتون الحرون
فتشظى في عتبات الله وصلّى بلا عيون
كان يزفر بالشرر في أنين الذاكرة
لا شيء هنا لا شيء هناك
وما مرّ تقاسمته الطيور
أثلامنا الشبهات وخواطرنا السود
لا تقول الحقيقة
نشتطّ من حزن إلى ليل أطول
نضلّ الطريق ونخطىء وينقصنا الجنون
شتاء الغد حطب للنار وحكايات قديمة
ومراسم لقصف الوقت العربي
كانت مكبرات الصوت أقوى من شقائي
فأجفل الحلم على فقرائه وسمّاني
كيف لي أن أستخرج قانون الضحايا
من القبور
أبداً تسير إلى تكرار حتفك
ضع بقية عمرك في بقية عمري
ثمة أسطورتان لبؤس الأرض
واحدة وحشية في صمّ الزمن
وأخرى تنبت في بكمّ يديك
ويلك
تداعى علينا الأمم واشتدً الغموض
علمتني غربتي في وحدتي وي :
ليس أقتل للشعوب من وقوفها العاري
بين ضفتين من صدام وضراوة
دمنا في التاريخ
وملاعب رماحنا السماء
من أجل ماذا نخون السماء
من أجل ماذا نخون الأرض
حاولت ألف مرة كي أفضً الإشتباك
بين نخلتين ترتديان جروح النبي
أهدرت ألف عام
لكي أدرك من تلاطم اليقين باليقين
أنّ الكلام ينتهي ها هنا عند هذا المضيق
وليست لوعتي من قبيل التشاؤم
ولكنّ ظلام البحر غدار فأبكاني الفراق


لا أرى ظباء النخيل بعينيك
ولا ترى بعينيّ شبوب دجلة وأحزان القمر
فاضرب سؤالك بالظمأ
قد يرى القلب ما لا يرى
هل كان عليك الرحيل
لا فرق بين من فقد الرؤية أو فقد الحب
كلانا سواسية في الهباء
وتجمع أشلاءنا لغة الخلاء وخارطة واحدة
ثكلتك الفصول
ثكلتني أزهارك العاريات
في خوابي الأكفان والأضرحة
تبيعني المستحيل
تجرحني العقارب اللاتينية
فيسقط على رأسي حائط المبكى
وحيرتي على جدار الوقت
من يصل دمي بشريان قلبك
أريد أن أسأل الملوك
ما الذي يفعله ملك الجان
يا سيد اللؤلؤ والمرجان
كنّا سعداء بهمّ المنفى وغمّ الغربة
بين التشرد والتمرد
كنّا ننتظر معجزة السحر والأحلام
فخرجنا من قمقم الحرية وانكسر الجواب
وصرنا بين غلائل الخوف والجوع
رعايا لا ترانا سوى مخالب الموج
فأعطيت قلبي لقيثارة بابل
وأعطيت وجهك للريح
سحقاً للنوارس التي خطفت منك
إيقاع الزبد على صخرة
دلقنا عليها أنفاس الضياع
خجلان يا وطني
خجلان من وطني
أعاتب الموت البطيء
فاغمريني بالهديل وبالصهيل
توسطت الهوى بين موتين
أعاتب عطش القنوط وانكساري البطيء
لو أضرموا خزامى الغيم
أو أشعلوا أوراق العودة
وجدتني أنا النهر
طائر الأندلس الذي يزف صراخ دمي
إلى آخر نقطة في مياه الأرض

المكان ليل في خيمة
نزلت من أقاصي التاريخ
ولدت سيدة الرمل هناك
واستقرّت بين دفتيّ كتاب
تستاف اللغة المحشوة بضيم القبيلة
ونار القبيلة وأحلام موءودة
تشترى وتباع ولا يراها سواك
فاض كأس الكنايات
كيف أغواك الحطام والزحام
تراودها بشبه حياة وشبه قصيدة
هوذا قديمك وجديدك
يراقص نخلتك القتيلة
في غلس تناهى إليها الصوت
فأومأت للزمن البعيد فلم يقف
وأشارت بجميع أطرافها
للدروب الموتورة فلم تصل
تراوغ الله بحرف تحت أقواس الموت
شربت في سبيل الله من دمك
وفِي سبيل الله أحرقت آخر المدن
قطعت آخر الأنهار وآخر الأشجار
وغارت جاثمة عليك
لا ترى في المحراب غير صورتها
وصورة الجسد الشهي في أحضان الجسد
يطارحها الشيطان
تزيغ عن الإسم والمعنى
فتفتح الباب بأغنية غامضة
وتقول إنّ الغيب ينتظر منها الإشارة
حتى إذا ما عنّ لها
أن تكشف ساقيها للوقت
رأيت الريح تجرّ إليها
ألف شهقة وألف سيف
يا لهذا الزمان سأكتفي
بهذا القدر من الغرق
وأكتفي بشبه هذا الوصف
عن حال الجزيرة
/ أحنّ إلى خبز أمي /
أحنّ إلى وطن


تقول اللامعنى
ترسم جموح نهرك بقطرة ماء
تهذي بنصف كأس
تعشق بنصف قلب
ترى ماضيك بعينيك أصفى وأنقى
وحاضرك غرغرة الهباء
أنت سفّاح أحلام
وعالمك الإفتراضي المتخيل
مملكة من أواني الفخار
لم تكن فارس أحلامها
فدعها تسقط في الغروب
ليكتمل الغياب
ماذا يساوي الكبرياء
كل شيء هراء
سوى الوجوه التي طرزتها دموعك
فابتكر صورة أخرى
من خيوط الممكنات في جرحك المختلف
ومت حزيناً بلا ضجة
ربما ينهض الورد فيك
وتمشي برغم أنف المستحيل
من دم إلى وتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى