أدب وفن

الأديب الناقد د. عماد يونس فغالي في قراءة نقدية ، تحليلية لحروف كلود ناصيف حرب

الأديب الناقد
د. عماد يونس فغالي
في قراءة نقدية ، تحليلية لحروف كلود ناصيف حرب


شعرٌ يرتقي إلى الحبّ!!
قراءةٌ في
(“حبّ أجملُ من العمر”).


يسمّونه غزلاً، وتصنّفينه هكذا أنا أكيد. لكنّي،
اسمحي لي شاعرتي،
أعمّدُه نشيدًا، سمفونيّةَ قلب. تقدّمين أعلاه تعريفًا نموذجيًّا، شعريًّا للحبّ،
لا مجرّدًا، بل معيوشًا في نفسَين، كنتِ إحداهما،
وهو، أنتِ الآخر!
“خبأتُ في حديقتي كلماتٍ”، سرقتَها. أو “وذاتَ يوم اكتشفتُ أنّ أحدًا سرقَها
مع العطر والوردة…
والسارقُ هو أنت”.
وفي بحثٍ عن الكلمات تلك المسروقة، تجسّدتْ، فانكشفتْ أنتِ، لقولكِ:
“ولم أكن في ما مضى
من الزمان إلاّ نفسي،
فصرتُ أنت”.
صرتُ مسروقتكَ يا سارقَ كلماتي “الذي يأخذُ كلّ شيء”، أخذتَني، صرتُكَ، لأنّكَ حبيبي، ثلاثَ مرّات، كلّ المرّات!
ويحضرني سؤالٌ سياقيٌّ هنا: ما هي كلماتُكِ المسروقةُ هذه؟ تجيبني الكلماتُ: أنا هي “أحبّكَ”،
أنا هي “أنت… صرتُكَ…” وتسامحينه بعد؟! واعجباه، تسامحينكِ دعيني أفترض؟
سؤالٌ آخر بعدُ اعذريني:
أمَا انقدتِ لسرقته طوعًا؟
أو أنّكِ أحببتِ سرقتَه، فصرتِ فيها شريكةً فاعلة؟
ما يميّز القصيدةَ انسيابُ الحالات المتتالية الموصوفة، تشكّلتْ حقلاً مشاعريًّا رسمتِ في خصبِ عروقه نبضًا عشقيًّا،
تعانقَت بألوانه عناصرُه لوحةً رومنسي- حركيّة
تملأ الرحُبَ النصيّة!
“المدينةُ واسعة”، والقلبُ الذي يراها واسعٌ كذلك،
لا يرى إلّاك. في رؤياه، تملأه، تخلو المدينةُ من دونكَ… أنتَ الحقيقةُ التي تنبسطُ على مساحةِ المدينة، تكفيني، أحيا بفيضها!
قد يقرأ امرؤٌ فلا يجدَ في السياقِ إلاّ عاديَّ الغزل.
ربّما صحيح، لكنّ انصهار العبارات مع المعبَّر عنه، يخلقُ فرادةً شعريّة تدلّ على شخص الحبيبةِ، الشاعرةِ هنا… تتابعُ التعبيرات في حالةِ الحبّ المُعاشة يروحُ في ارتقاءٍ، في ارتفاع. لا تكرارَ مملّ، والمادّةُ تجرّ إليه.
كلود ناصيف حرب، ضميرُ المتكلّم شخصيّةُ القصيدة، من داخل طبعًا، في حديثٍ مباشر مع الشخصيّة الثانية، الرئيسة هي الأخرى:
أنتَ، الحبيب طبعًا.
في تمييزٍ أدقّ: السارق. هاها، السارقُ الحبيب!
لكنّ الشخصيّتين، على إمكانيّة كونهما محدّدتين، يمكنُ أن يكونا عامّتين، يتجسّدهما كلّ ثنائيّ.
وتبقى لكِ الفرادةُ شاعرتي بتشكّلكِ داعيةً نموذجيّة في نقلِ مشاعرِكِ وتصوّراتكِ
في الحبّ، ولكن في أدبيّةِ إبداعكِ الشعريّ العالي!
أنا قرأتُ معجَبًا، حسبي كلّ قارئٍ مثلي يتمتّع!!

الأديب الناقد
د. عماد يونس فغالي.
لينان ١٠ ك١ ٢٠٢٠


كلمة شكر من الشاعرة
تحياتي لك سلمت الأنامل التي خطت هذا الجمال ونسجت من الأحرف أناقة التعبير ودمت قمرا ساطعا فى سماء النقد الأدبي
جزيل الإمتنان جميلٌ النقد ورائع التحليل حماك الله.
يسعد أيامك صديقي الراقي شكرا جزيلا لك نقدك يضيف للنص القا وبهاء د.عماد يونس فغالي دمت بخير تحياتي ومحبتي.
كلود ناصيف حرب
سيدني أستراليا
١٠ ك١ ٢٠٢٠


اليكم التص كاملا

حبّ أجملُ من العمر

الشاعرة كلود ناصيف حرب-سيدني أستراليا

في مكانٍ ما وزمانٍ ما
خبأتُ في حديقتي كلماتٍ
من ذهبٍ وياقوت…
وذاتَ يوم اكتشفتُ
أنّ أحداً سرقَها
مع العطر والوردة…
والسارقُ هو أنت.
كلُّ كلمةٍ قلتَها لي
زرعتُها في قلبي…
جعلتُها كتاباً…
يُضيءُ في العتمة…
يسألونَني عنك في المدن،
في الحاراتِ القديمة
ما وراءَ الجبال…
لكنّني أُخفيك عن العيون…
لا أريد أن يأخذَك أحد…
ولا أريد أن يُشبهَك أحدٌ…
يا كلّ براءتي،
وكلّ جُرأتي…
وكلّ حكايتي.
أنا لولاك سرابٌ…
ولولا عيناك
لا أعرف إلى أين أمضي…
فابقَ معي إلى آخِرِِ العُمر…
يا حبّاً أجملَ من العُمر.
المدينةُ واسعة،
ولبس فيها أحدٌ
إلاّ أنا وأنت…
أنا الأميرةُ في قلبِك
وأنتَ الملِكُ على حقيقتي.
لماذا تداخلتَ فيّ
إلى هذا الحدّ…
لم أرغبَ يوماً
في أن أصيرَ سماء
فصرتُ سماء…
ولم أكن أشتهي
أن أصيرَ بحراً
فجعلتَني بحراً…
لا شاطئ له…
ولم أكن فيما مضى
من الزمان
إلاّ نفسي،
فصرتُ أنت.
تعالَ إلى روحي،
وهي تعرفُك…
تسكنُ فيها…
تحتلُ أنتَ كلّ زاويةٍ
من زوايا ضُلوعي…
تحتلّني…
تأخذُني من ذاتي
ولا تطلبُ إذْناً…
أيّها المعتدي
على حقوقِ النساء…
يا مَن سرقتَ كلماتي
من تلك الحديقة…
مع العطرِ والوردة
أيّها السارقُ …
الذي يأخذُ كلّ شيء
وأسامحُه
لأنّه حبيبي…
لأنّه حبيبي.. لأنّه حبيبي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى