أدب وفن

صراخٌ بلا صدى…/ قصة قصيرة بقلم الشاعرة نسرين حمود

الشاعرة و القاصة نسرين حمود

صراخٌ بلا صدى

بدأ المطر يغزو نافذتها بعد ان قارب الليل على الانتصاف، غادرت حاسوبها واستجابت لطرق تلك الحبيبات التي تغمر قلبها فرحاً. كعادتها، تراقصت عيناها مع هذه السيمفونية حتى توارت روحها فيها ثم فجأة قاطعمها صوت الهاتف.
“غريب هذا الرقم الذي يهاتفني في هذا الوقت المتأخر!! هل من الممكن ان سوءا قد حدث واحدهم يهاتفني لاخباري بذلك… “

  • الو (بصوت خافت ودقات قلبها تتسارع من القلق)

كان الصوت يهمس وحوله ضجيج لا بد انه ضجيج المطر على زجاج نافذة السيارة

  • جميلة انت كالدفئ في ليالي الشتاء الباردة!
    آهٍ لو تدركين كم احتاجك، احتاجك جدا، كما يحتاج الجندي سلاحه وسط المعركة، يواجه به عدوه ويساعده على النجاة.

ادركت من هو صاحب الصوت، فاحتفظت بالصمت ولم تجب بكلمة واحدة، واستمر هو في حديثه:

  • كيف حالك؟! أعلم انك لا تودين سماع اي شيء مني، وأني وعدت بأن اتوقف عن الاتصال والرسائل النصية، ولكني كلما لمحت تفاصيل وجهك وابتسامتك الهادئة اصبت بعاصفة هوجاء وتخليت عن وعودي هذه وبت انا وهاتفي في ارتباك… اكالمك وادرك انك ستستمعين لما اقوله بصمت يوجعني! واعلمي انك ان لم تقولي شيئا فسيموت قلبي شوقاً، وان قلت فسيموت حزناً، لأنك بعيدة جدا.. فلا بأس يا حبيبتي، في كلا الحالتين انا مقتول! هذا القلب يحتاج ان يسمعك وعيناه تنظران الى ابتسامة عينيك، ثم ينسى العالم وضجيج من فيه..

ساد الصمت لدقيقتين كان يستمع فيهما لانفاسها البعيدة، توقع ان تقول شيئا لكنها التزمت صمتها فعاد يكمل حديثه:

  • اتريدين ان انهي المحادثة؟ على كل حال، اشكر استماعك لي رغم كل شيء، سأنهي المكالمة.. .. ولكني لا اريد ان انهيها.. كل ما اعرفه اني اود لو افتح باب بيتي الان واعدو في هذه الطرقات الباردة حتى اصل اليك واطرق الباب حتى يستيقظ اهلك جميعا فاصرخ بكل ما يختنق في قلبي.. ثم اقول لهم، اريد ان آخذها معي، ثم آخذك وامضي… … اتسمعينني!!! اود لو افعل ذلك الان !!

كان صوته مرتفعا صاخبا، يقول تلك الكلمات بانفعال يشبه الغضب، ثم صمت قليلا وعاد صوته هامساً

  • وادرك انك لن تأتي معي، وانك ستوجهين لي تلك النظرة الموجعة التي تقول كل شيء بصمت، اعلم اني بت غريباً لا يملك الحق في قول شيء، لكنك حبيبتي، وستبقين، رغم كل ما سيقال، وما سيحدث، ورغما عن كل ما فعلته لأخسر الفرح الذي زرعته انت في قلبي ..

بدا صوته يختنق ويرتجف، ثم تمالك نفسه وقال:
ربما عليك ان تنهي المكالمة انت، فاني اخاف ان اقفل واعود لاشعر بغيابك.. ثم المحك من بعيد.. ثم اعود لاصارع هاتفي .. وابحث عن احد يمنعني من اللجوء اليك..

ثم اختنق صوته تماما، وفي تلك اللحظات نفذ شحن البطارية من هاتفه كأن الهاتف قد ادرك بان عليه ان يأخذ على عاتقه المبادرة بانهاء المكالمة التي لم يقوَ هو على انهائها! وانه كلما تكلم اكثر سيكون الامر موجعا اكثر، واذا هم بالصمت فستحاصره اعاصير شوقه. دقائق وعاد المطر بجولة جديدة صاخبة على زجاج نافذتها ليعيدها اليه، فتحت ابواب النافذة وتركت المطر يعبث بتفاصيل وجهها عله يعيدها طفلة ولو للحظات.

* قصة من وحي الخيال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى