أدب وفن

في مكتبة الغيم… / بقلم الكاتبة ميار برجاوي

في كلِّ مرّة كنتُ أقف تحت السماء، يظلّلني الغيم، أرسلُ لله رسالة مع طائرٍ أراهُ يجنحُ صوبها: “متى يا الله سأقف فوق الغيم؟”
وحدث أن جاء الردُّ ببريد من نِعمه، وتحقّقت الأمنية. طرتُ فوق الغيوم. امتزج ما رسمَتهُ المخيّلة عن وقع ذاك الشعور، وما عشته خلال رحلة العبور بين لبنان والعراق، وقد حلّقت بي طائرة من الأحاسيس أمطرتها سماء الروح، لكأنّي صرتُ الغيمة، لكأنّنا في مشهد لتبادل الأدوار، هي من تراقبني فيما أصوّرها من فوقها، أراها مبتسمة هامسة: “مرحبا بكِ، لطالما راقبتِني واليوم أراقب قلبك الممتلىء منّي”.
ستبدو مثل طفلٍ يستكشفُ لعبة جديدة، يقتحمُ عالمًا مثيرا للفضول، للفرح، للمرح، للتأمّل، للبراءة، للأحلام وللنضج، لن تملّ وقلبك يطالبك بتخزين المزيد من نبض تلك اللحظات ليستردّها كلّما اهتزت أغصان الحنين من شجرة الشوق وهي تتوق بإلحاح العاشق لمعانقة الغيم مجدًّدا.
حينها تخيّلتُ لو علقت بنا الطائرة في عقر دار الغيم، لو إنّنا مكثنا قليلا في مدينتها، نحتسي شرابها العذب ريثما أُصلِح العطل، أو ربّما للأبد فاستعمرناها.
عندها سأختار غرفتي في مكتبة الغيم، فحتما للغيوم مكتبة منحوتة على شاكلتها، تضمّ روائع الكتب التي تحلّق مثلها، لكنّها مكتبة لن تختفي مهما أمطرت ما في زادها، فهو زادٌ يتغذّى من نفسه ليزوّد أرض أرواحنا بخيرات تُرطّب جفاف الأيام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى