أدب وفن

الطابور … /بقلم الأديب سامي معروف

الطّابور
شعر

الشَّوقُ مَصلوبٌ على الدَّربِ الطّويلْ
والجوعُ مَنثورٌ وراءَهُ.. أراجيحَ مَساءْ
القَهرُ سيَّافٌ عَليلْ!
ورقصَةُ المَوتِ عَصافيرُ شِتاءْ
ضَيَّعَها الدَّليلْ
بَينَ عَكاكيزِ الرَّجَاءْ
والمُستحيلْ.

لقد رأيتُهُم كسَالى.. في مَخاضاتِ العُبورْ
وفي مَواخيرِ الضَّغينَهْ.
أقداحُهُم ثَكلى.. وخَمرُهُم زُلالْ!
أحزانُهم قــَـمْحُ نُذورْ.
وضَجَّةُ الأرواحِ في بئرِ السَّكينَهْ،
وفي طَوَافِ الضَّوْءِ والظِّلِّ تدورْ،
وفي التَّعاويذِ اللَّعينَهْ…
وفي نواقيسِ المَدينَهْ،
وفي بُكاءَاتِ الصُّخورِ والتّلالْ.

أنا رأيتُهُم أكُفًّا دامِيَه
تَحتَ شَبابيكِ المَطَرْ
تحتَ عَناقيدِ الغُيوبْ..

في اللَّونِ أنثىً عاريَه
والوَجْهُ آذارُ.. خَطَرْ..
لكنَّ صَوتَهم مَزاميرُ سَفَرْ
والقلبَ عَفـــّارُ الذّنوبْ.

رأيتُهم يُخبّئُونَ في المَناديلِ الصَّباحْ
ويَغسلونَ الحُلمَ بالظَّنِّ الرَّهيفْ
ويَجمَعونَ في جُيوبِهِم خَفافيشَ أمَلْ…

وفي جُنونِهِم فراشَاتُ البِحارْ
بَلى..! وفي أحداقِهِم غِوىً ونارْ
بَلى..! وفي أعطافِهم جُرحٌ مُخيفْ
وفي رَبيعِهم دَمُ الخَريفْ،

وفي جَبينِهم مَواعيدُ الأزَلْ
وفي حَصَادِهمْ عِناقاتُ الرِّماحْ.

مِن زَحمَةِ اللَّـــذّاتِ والرّاياتِ والشِّعرِ النَّضيرْ
ومِن طوابيرِ العَقيدَهْ…
مِنَ الحُروبِ والحَرامِ والغَرامِ
والمَواسِمِ الجَديدَهْ…
لِدَوْرةِ الأرقامِ.. في صَفيقِها نُواحْ،
وَصَخرَةِ الغَداةِ والرَّواحِ..
والذَّهابِ والإيابِ..
والصُّعودِ والهُبوطِ والكِفاحْ…

وقفتُ بَينَهم أغَنِّي.. أستطيرْ..
أجمَعُ من سَقيطِهمْ شَذى أقاحْ،
وفي يَدي خَيْباتُ بَهلولٍ أجيرْ.

وَجَدتُني.. فَزَّاعَةَ الكروْمْ!
وفي شَرابِهِمْ سُمومْ،

كأنَّني..
حَوْلَ مَراثيهِم نُبَاحْ.

31 كانون الأوّل 2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى