عزيزي فيروس كورونا الذي أجلّ وأحترم… بقلم الشاعر د.مهدي منصور

عزيزي فيروس كورونا الذي أجل وأحترم…
لا أكتب هذه السطور لأعاتبك بعد أن عطّلت حياتنا وأخذت أناساً أبرياء منّا، بل على العكس تماماً، أكتب لأقدم لك الشكر والعرفان على أفضالك الهائلة علينا، وبعد…
1- بسببك أيها الكريم، اكتشف الساسة التربويون كم أن النظام فاشل وأن مدارسنا متخلفة وأن أجيالنا ضحايا… من كان سيقنعهم أن البنى التحتية مهترئة لولاك؟
من كان سيفهمهم أهمية التعليم عن بُعد، وضرورة تكنولوجيا التعليم وأن الإعلانات عن النجاح شيء والنجاح شيء آخر؟
لقد استطعت بأيام قليلة أن تفعل ما عجزنا عنه بالحديث عن أهمية التدريب على وسائط التعلّم وكيف أن العصر لا يلتفت إلى الوراء وأن المعلم الذي يعرف الكثير يمكن ببساطة استبداله بفيديو…
لقد صفعتهم فانتبهوا أن التعلّم فعل حياة، وليس طاولة ومبنى وأنظمة مرعيّة الإجراء…
2- شكرا لك، لأنه وبفضل وجودك بيننا، صارت النظافة ضرورة من دون أن يقرنها فلان بفعل الإيمان، أو ذاك بفريضة ما. لقد فهم المرء أنه مسؤول عن مجتمعه كما هو مسؤول عن نفسه. وفهم الانسان أن الوقاية شراكة، وأننا جميعاً تحت سقف الوباء وربما أننا سببه إن حدث! لعل ذلك يمتد من مفهوم النظافة الفردية إلى نظافة الكف والمجتمع والبيئة والكون.
3- شكراً لك أنه وبفضلك اعترف وزراؤنا بالواقع المأزوم، لقد انتظرنا نبأ وفاتنا طويلاً، ولكنهم كانوا يكذبون.
ولئن كان أجمل الشعر أكذبه، فإن أجمل الهم أصدقه..
4- تخيّل صديقي الفيروس، أنهم ومنذ أن اعترفوا بك، اعترفوا بفيروسات أخرى لم يصرّحوا عنها طويلاً.
مثلاً فيروس الفساد وفيروس الطائفية، وفيروس العائلة الحاكمة المعدّلة جينيّاً… لقد صدق المثل القائل: من أجل عين فيروس تكرم مرجعيون.
وأخيراً يا صديقي كورونا، وأنت تأخذ أرواح العشرات يومياً، خذ منّا أغلى ما لدينا، أسباب كل ما سبق… أتمم علينا النِعم والبركات…
أو خذنا نحن، لأنه صعب جداً علينا أن نرى الناس يتبعوت الآفات والخطابات والشعبويات والفيروسات وتعدد اللات… لك من بعدنا طول الحياة…
مع أطيب التحيات..