النسر القوي و اليمامة البريئة …/ قصة قصيرة
النسر القوي و اليمامة البريئة
ما أن ترتخي جفون الشمس، حتى يغط في سبات عميق. فلاحٌ اكسبته الشمس سمرة القمح ..استفاقت زوجته ليلا لتراه مستيقظا غارقا في التفكير . وعندما استوضحته الأمر أجابها : ممنوع مغادرة المنزل ، ويعزُّ عليّ الا استيقظ باكرا لزيارة الحقل ومزاولة عملي ، والزرع يتضرر ، اجابته الزوجه: لما لا تسأل رئيس البلديه ، أجابها: لقد استقال منذ عدة أيام، سألته مجددا، ولماذا استقال فأجابها : بسب “المحروس ابنك”..واستطرد قائلا: منذ اسبوع ، أسرَّ إبنكٍ امام اصحابه انه قبل عودته بالقطيع عصرا ، سمع حركةً في اسفل الوادي، وشاهد ملامح طريدة كبيره بين الشجيرات .انتشر الخبر في القرية بسرعه وكان تناقله يتسم بمزيد من الاثاره..واخيرا، وصل الخبر الى ساحة الضيعه بان الراعي شاهد غزالا في الوادي.. استنفر الصيادون وحصل هرج ومرج وصلت مسامعه الى رئيس البلديه الذي قرر ممارسة سلطته بتنظيم حركة الصيادين فجمعهم على الفور معلنا التعبئه قائلا:
ستنقسمون الى فرقتين ، الاولى نسميها فرقة “النسر القوي” وضمت معظم مؤيديه،والثانيه، وهي من معارضيه سمَّت نفسها “اليمامه البريئه” . انطلقت الفرقتان وفق الخطه التي رسمها الريّس ، دخل الريّس منزله ثم خرج مرتديا بذلته البيضاء المخصصه للمناسبات الهامه، تحلقت حوله بعض النسوة مما جعله يتبختر كديك مزهو بجمال ريشه .وكان لزوجته دور إضافي حين صرّحت: الغزال ليس حكرا على فئه،ادعوكم لاشعال النار تحت قدر كبير لطبخ الغزال وتوزيعه بالعدل،استحسنت الحاضرات الفكره وأُشعِلَت النار على الفور ووصلت المياه لدرجة الغليان .ودارت الاحاديث النسويه مما ازعج الريس فزجرهن طالبا الهدوء ، وساد صمت قطعه سماع طلقات ناريه كثيفه ..ابتسم الريس منتشيا بالنصر وصاحت احدى النساء : “ما بيجيبها الا رجالها”..ردت عليها اخرى بالزغاريد ، اما الثالثه فقد دفعها حماسها الزائد الى الدبكه على غير هدى، فتعثرث بقدر الماء المغلي واصيبت بحروق بالغه لم تنفع معها المعالجه باللبن البارد وفق وصفة الريّس ..رن تلفون الريس فطلب الصمت مستمعا ، تجهّم وجهه واصبح أغبر اللون وصرخ بشرطي البلديه: سيارة الاسعاف على الفور الى الوادي!!!! شهقت النسوة والححن على الريس للبوح بما حصل فاجابهن: لا داعي للهلع ، لقد حصل خطأ تكتيكي بالخطه الاستراتيجيه ووقع بعض الجرحى من الصيادين حين تحركت الطريده فاطلقوا النار باتجاه بعضهم البعض..الاصابات محدوده وسأوافيكم تباعا بكل جديد ، وقبل انصرافه تجرأت احداهن على سؤاله : والغزال ؟ فاجابها لم يكن غزالا ، كان كلبا شاردا وقد نجا ..بعدها بعدة ايام ، تحركت السلطات العليا وأجبرت الريس على الاستقالة وهو معتكف الآن ولا يغادر منزله خجلا…
ساد صمت لبرهة قطعته الزوجة بسؤال آخر ، لما لا تسأل المختار فاجابها : متى كان الريس يعالج باللبن فما بالك بالمختار الذي ساروي لكِ قصته عند الصباح…!!!؟؟؟
الأستاذ المحامي ماهر العبد لله