~ أين هُناي من الهناك؟ ~بقلم الشاعرة بثينة هرماسي/ تونس
~ أين هُناي من الهناك؟ ~
الفتاة التي كانت هنا ،،
لم تعد هناك !!
سائق الباص
الذي توقف ليُقلّني
بغير محطّة
أحيل على التقاعد
ولم يعد هناك !!
الأستاذ الذي قال
أنّي أخفقت ..
ولم يعطني ورقة الإمتحان
كي أصلح أخطائي
مات بجلطة
ولم يعد هناك !!
الشرطي الذي أوقف
حركة المرور
أمام مدرستي
كي يعبر أطفال ومعلمتهم ،
لم يعد هناك !!
أضواء العبور أيضا
بمدينتي
والخطوط العريضة البيضاء
للمشاة في الطرقات ،،
لم تعد هناك !!
شجرة اللّوز الكبيرة
التي كنت أنتظر قدوم الربيع
في بياض زهرها ،،
تحوّلت إلى كشك
“علي بابا” لبيع البيتزا ،
شباتي chapati ،
وسندوتشات ،،
ولم تعد هناك !!
الوطن الذي حملته
على كفّي ..
رسمته رسما جميلا
ولوّنته بألوان قوس قزح
على جدران قلبي
شخبطه الصغار
عبثوا به ..
ولم يعد هناك !!
رفاق الدّرب
الذين أحبّبتهم
غابوا …
تاهوا منّي ،
و فرّقتنا المسافات ..
الفتى الّذي لاحقني
ذات خريف
وتبادلنا نظرات الإعجاب
ورسائل و أمنيات
لا أدري كيف ضاع منّي
و لم يعد هناك !!
أبي الّذي يرتّل القرآن
صباحا مساء
ويقرأ الأوراد
أصابه النسيان
ولم يبق في ذهنه
إلاّ الهذيان
والقليل من الذكريات ..
حقائب الحنين الدافئة
التي سافرت بها
ذات صيف
صادرتها شرطة المطار
بقيت أنسج شتاءً ،
من الشوق أوشحة
و أرتق لعري قلبي
جواربا..
و رداءات ..
الفُتات الذي نثرته
كي أعرف
طريق العودة إلى بيتي ،
أكلته غربان
فتهت أنا في الهُنا ..
و ضاع منّي
الهناااااااااااك !!!