” قصة لا ريب فيها ” قصة قصيرة /بقلم د. وداد الأيوبي
قصة لا ريب فيها
كانا يلتقيان منذ مطلع فرحهما ..
كانت لهما محطات ثابتة للقاء .. الغروب ، صباحا قبل الدوام ، مساء على غيمة من ورد ، ليلا على وسادة اشتياق دائم …
لكن موعد قلل ظهر الجمعة طال حينه وتوطدت جذوره ضاربة في عمق التحدي .
لقاء ناصع كقلبيهما ، نقي كمسارب دمعهما في بقاع الحرمان ..
انسابت ينابيع ذاك اللقاء حتى غدا عرفا لا تراجع عنه ..
احلولكت الأيام واشتد بذخ الظلمة في الهيمنة والرجل أول من يستطيب الاسترخاء ..
مرة يدّعي انشغالا ، ومرة مرضا ، ومرات التواء دون عصف , وازدادت عجرفة التحدي ، ضاقت به ذرعا لكن حبه أقوى ..
ذات جموح لأشجانها رسّخت تفكيرها بأنه انزاح عن الصراط وكانت ثورة شعواء تحطم خلالها منهما كل زاد للصبر ..
تلاقيا ، تعاتبا ، تحدى كلٌ منهما ذاته واسترجع من الحب صدحة مجروحة ..
وذات جمعة لم يتواعدا لكنها تكن بمخزون قناعتها أن سوف يناجيها ، يناديها ، يفاجئها (وهي سيدة الحدس الدليل .) تغادر عملها ليربحا ما تبقى من النهار ..
لكنها كانت تدعو ربها .. اللهم قدّر لي ما فيه الخير .. اللهم لا تتخلّ عني ..
لم يأت ولم يرسل لها صوته جرسا مموسقا ..
عادت محتشدة بحزن بارد لكنها مقتنعة أن الله يتولاها ولن يتخلى عنها ..
حزنها يحفر ببطء وتحاول أن ترضّي قلبها بالمقسوم ..
وبينها وبين الشغاف نزف خفي لن تبوح به ..
ووطدت النفس على القبول …
هو لا يستحق منها اهتماما ..
وليكن ما يكون لن تتقبله بعد ..
تناولت هاتفها لتجد كلماته : — رايح أنا للصلاة وسأعود إليك ..
واجتاحتها العزة بالنفس لن أتقبل الدعوة وسأباديه بالمثل .. سأطفيء هاتفي وقت يحين رجوعه ، كما كان يفعل مرارا .. وتذكرت قول النبي عليه الصلاة والسلام لشاعره حسان : عليك بهم بمثل سلاحهم يا حسان … ويقصد الكلام المشحوذ …
ولم تترك نرجسة في البال الا سقتها ماء التصدي والتحدي لترد له سوابق وخزاته …. وعادت تقرأ ما كتب لتتأكد من وقت الكتابة بدقة .. قرأت بتأنٍ هذه المرة : — رايح أنا للصلاة وسأدعو لك …
ودعت له كلّ الدعوات الصالحات … وكان الله مستجيب الدعاء …