أدب وفن

قضية و رأي/ عن السرقات الأدبية

عبد الوهاب بيراني

عن السرقات الأدبية….

السرقات الأدبية معروفة في تاريخ الأدب.. و كما للبنوك لصوص يتقنون فتح شيفرات الخزائن فهناك من يتقن عمليات فك شيفرة القصائد و تبييضها كما تبيض الأموال المنهوبة..
لسرقة المال أسبابه.. قد يكون من فقر ذات اليد و الحاجة و لا ابررها تحت أي مسمى و لا أعتقد أن ثمة أسبابها نبيلة تدعو لسرقة أموال الغير..
اما السرقة الأدبية فاسبابها لا تغتفر ابدا ابدا.. ماهو المبرر السلوكي و النفسي و خاصة إذا كانت المادة المسروقة ثمة نص شعري لا يباع بمال او يشترى فهو ليس سيناريو تلفزيوني ليدخل خانة سرقة المال و ليس الأدب فالسيناريو يباع كما اي بضاعة ما.. أما سرقة الشعر :
فهناك سببين أحدهما نفسي مع شرط سبق الاصرار و الترصد و الذي يأتي بدافع الإعجاب و الأنبهار الزائد بها و الذي كما برره نزار قباني حينما لجأ إلى سرقة نص مكتوب باللغة الفرنسية بشكل كامل لا جزئي كما يفعلها الاغلب من اللصوص بهذا المجال و من ثم ترجمه للعربية و بأسلوبه الخاص و نسبه إلى نفسه و الذي تحول إلى اغنية مشهورة غنتها الفنانة ماجدة الرومي (رجل الجريدة) قال نزار: بعد افتضاح أمره انه وجدها و كأنها له.. و قال وجدتها بكل ذاك الجمال فترجمتها و زينتها بروحي و أصبحت لي و لن اتنازل عنها و اوردها في ديوانه
و كان صاحب القصيدة شابا فرنسيا مغمورا لم تكتب له الشهرة و لم يحرك ساكنا سوى أن الصحافة انذاك ضاجت بالخبر ولكن غنى نزار الشعري لم يسقطه بسبب تلك الهفوة و ربما فعلها مرات و مرات هو او غيره..
و السبب الثاني هو فقر قريحة مدعي الشعر و تطفله على النتاجات الإبداعية للغير و ادعائه الشاعرية و هو بالأساس مركب من عقدة نقص مجتمعية و اعتقد ان جذور هذه الحالة نفسية أيضا…. و هناك من سرق نزار جملة و تفصيلا…و هو اكثر شاعر تعرضت نصوصه للسرقة ايضا اسلوبا و كلمات و مفردات و جمل و صور شعرية،كما تعرض ادب و قصائد الشاعر الكردي جكر خوين للنهب و السطو كرديا و سليم بركات الذي لازالت كتاباته و مفرداته و تراكيبه و اسلوبه ميدانا رحبا لممارسة فنون القنص و التدليس، والنشل، والسرقة،ناهيك عن اساليب لصوصية تعتمد على سرقة نصوص مترجمة من اداب اجنبية من افريقيا و اليابان و اثيوبيا و استراليا و كردستان..و من جزر البحر الكاريبي
غالبا يختار اللصوص نصوص اجنبية بعيدة عن متناول القراء.. كان يسرقوا من مجلات شعر أفريقية بلغتها الأصلية مع أعمال الترجمة و بعض التحوير او من دواوين قديمة او جرائد قديمة جدا.. و حاليا باتت صفحات التواصل مرتعا لقناصي الفرص و للصوص بالإضافة إلى أن محركات البحث كغوغل قادرة على نبش النصوص الأصلية و تواريخ نشرها و ضبط اللصوص بجرمهم المشهود..
بقى ان نذكر بأن النصوص المنهوبة تكون عالية التقنية إبداعية تملك اغراء يدعو الغير ممن يبحث عن جماليات محددة ان يقتنصها.. وهو مايحصل مع لصوص الأموال و المجوهرات و التحف الفنية…
انه تاريخ طويل و يعج بالسرقات
رغم انه فن و أدب.. لا يهم لا ينبغي إثارة كثير من الغبار فما وراء الاكمة ما ورائها.. و لعل الاعتراف بالخطأ فضيلة.. وهو ما جرى.. و لا أظن أن نشر اسماء و التشهير لها عملية إيجابية.. ارجو التحفظ على الأسماء عن الأقل و بلغة البوليس حتى يتم الانتهاء من ملفات التحقيق..
و ذلك للعبرة و التأمل…

*شاعر و ناقد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى